جدى فهم مشاعرك فرض عين

كاتب المقال: د.صلاح الدين السرسى
التاريخ: السبت, أبريل 25, 2015 - 16:15

يحتاج الجد والجدة الى الى الشعور بالأمان ماديًا ومعنويًا ، كما أن حاجته الى المشاركة والإحساس بالأهمية تزيد عما كان فى مراحله السابقة.  ومن الجدير بالذكر أن انفعالات الشيخوخة تلخص السلوك الانفعالى لمراحل الحياة كلها ، وهذا التلخيص يؤكد على مرحلة الطفولة أكثر مما تؤكد المراهقة ، وتؤكد المراهقة أكثر مما تؤكد مرحلتى الرشد ووسط العمر ، وتنتهى من ذلك كله الى تأكيد نفسها كمرحلة لها خصائصها التى تميزها عن أى مرحلة أخرى سابقة .

   ويمكن تلخيص أهم المظاهر الانفعالية لدى المسنين فى النواحى التالية :

1-انفعالات الشيوخ ذاتية المركز تدور حول أنفسهم أكثر مما تدور حول غيرهم . وتؤدى الى نمط غريب من أنماط السلوك الأنانى الذى قد لا يتفق فى مظهره العام مع ما يتوقعه الأحفاد من سلوك الأجداد.

2-لايتحكم الشيوخ تحكماً صحيحاً فى انفعالاتهم المختلفة ، شأنهم فى ذلك شأن الأطفال الذين يعجزون عن ضبط مشاعرهم وعواطفهم.

3-تتميز انفعالات الشيوخ بالعناد وصلابة الرأى . وقد يؤدى هذا العناد الى سلوك المضاد . ولذا تجد الشيوخ يثورون لأوهام لا حقيقة لها وعندما تتكشف لهم الأمور ، ويدركون خطأهم فإنهم يراوغون ويظلون فى اصرارهم وعنادهم.

4-   ةعندما يغضب الشيوخ فإنهم يثورون مثل الأطفال.

5-   وبالرغم من عنادهم وغضبهم فإنهم أكثر قابلية للإستهواء من غيرهم.

6-   يميل الشيوخ الى المديح ، والإطراء ، والتشجيع.

   وتتشابه انفعالات الشيوخ مع انفعالات المراهقين فى النواحى التالية :

1-الشيوخ فى كثير من انفعالاتهم مذبذبين بين ذلك ، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء شأنهم فى ذلك شأن المراهقين قبل أن يصل نموهم الانفعالى الى النضج الذى تتطلبه طبيعة نموهم ، ومطالب حياتهم.

2-سخرية الشيوخ من الأجيال الأخرى ، وهم فى سخريتهم يميلون الى لون من ألوان المشاكسة والإغاظة التى كانوا يمارسونها فى مراهقتهم.

3-تتميز انفعالات المراهقة بالإندفاع ، كما تتميز أيضا انفعالات الشيخوخة فى بعض نواحيها بصور مختلفة من ذلك الاندفاع العاطفى.

4-وكما يحاول المراهق أن يفرض شخصيته ليؤكد ذاته حتى يتخلص من خنوع الطفولة وخضوعها ، كذلك يحاول الشيخ أن يفرض شخصيته فى سيطرة غريبة حتى لا يظن الناس أبدا أنه بدأ يضعف ويهرم.

   ولا تبقى من انفعالات الرشد فى وسط العمر عند الشيوخ إلا مظاهر عابرة نلخصها فيما يلى :

1-تدور أغلب انفعالات الراشدين ومن هم فى وسط العمر حول القلق ، وللشيوخ أيضا ما يثير فى نفوسهم القلق ، وقد يؤدى بهم القلق الى الكآبة لأنهم لا يجدون متنفسا لانفعالاتهم كما كانوا يفعلون فى رشدهم.

2-   تكثر شكوك الشيوخ وريبتهم فى الآخرين ، وكأنما هم قد ورثوا من شبابهم وكفاحهم عدم الثقة بالآخرين.

   وتتميز مرحلة الشيخوخة فى سلوكها الانفعالى عن بقية المراحل الأخرى للحياة فى النواحى التالية :

1-يحلو للشيوخ أحيانا أن يقفوا من البيئة المحيطة بهم ، مزقفا سلبيا لا ينفعلون لها ومعها ، وكأنهم بهذا يعبرون عن شعورهم بالهوة السحيقة التى تفصلهم عن الأجيال الأخرى التى تضطرب حياتهم .

2-   كثيرا ما تتصف انفعالاتهم بالخمول وبلادة الحس.

3-يرجع هذا الشعور الغريب بالسلبية والبلادة الى عدم ادراك الشيخ للمسئولية التى تواجه من يحيطون به ، فهو يمضى فى حياته ومشاكل الناس من حوله تدفعهم الى ألوان مختلفة من الكفاح المرير . وهو لا يشعر نحوهم ولا نحو مشاكلهم بأى مسئولية تتطلب منه استجابة انفعالية محددة .

4-   يقل حماسهم لما يحيط بهم من مشطلات انفعالية يضطرب لها الآخرون .

5-كثيرا ما يخطئون فى ادراك المواقف المحيطة بهم ، ولذلك تأتى انفعالاتهم شاذة لا تتناسب ومتطلبات المواقف التى تثير فى نفوسهم تلك الانفعالات.

6-يغلب على انفعالهم لون غريب من التعصب الذى لا يقوم فى جوهره  على أى أساس . فهم يتعصبون لجيلهم ، ولآرائهم ، ولعواطفهم ، ولكل ما يمت اليها بصلة .

7-   وعندما لا يتقبل الآخرون ذلك التعصب بروح المشاركة والولاء فإنهم يحسون فى أعماق أنفسهم بأنهم مضطهدون .

8-يؤدى الشعور بالاضطهاد الى الإحساس العميق بالفشل . وقد يتخذون سلوكا معاديا ، فيجابهون الاضطهاد الذى يقع عليهم باضطهاد الآخرين .

   وهكذا نرى أن انفعالات الشيوخ فى جوهرها مزيج من انفعالات الحياة كلها ، من طفولتها الى شيخوختها ونهايتها ، وقد تحدد نوعها وتواتر ظهور بعضها ، واختفاء البعض الآخر ، مدى تكيف الفرد مع نفسه ، وما يطرأ عليها من تغيرات ، ومدى تكيفه مع بيئته وما يعتريها من تطور ، ومدى تقبل الناس للشيوخ أو اهمالهم لهم.

سجل دخول أو إنشئ حساب جديد الأن لإضافة تعليق.