التأتأة والتلعثم عن الأطفال

كاتب المقال: الإدارة
التاريخ: الخميس, يونيو 4, 2015 - 17:33

يصف أخصائي النطق و خبير علم النفس الإكلينيكي جوزيف شيهان التلعثم بأنه "كجبل الثلج لا يبدو منه إلا جزء صغير فوق سطح الماء بينما معظمه مغمور تحته، وهذا فعلا هو التلعثم لا يظهر منه إلا كونه عيباً في النطق, مع أنه يشمل انفعالات وأحاسيس أكبر من ذلك بكثير".. 

فالتلعثم كلام يتميز بتكرار عال, أو إطالة, سواء في الأصوات, أو المقاطع, أو الكلمات، مع ترددات وانقطاعات كثيرة أثناء الحديث، بصورة تؤثّر على الانسياب الإيقاعي للكلام. خصوصاً في ظل وجود أشخاص غرباء يلتقى بهم للمرة الأولى. يعتبر التلعثم حالة شائعة جداً في مرحلة الطفولة المبكرة أي في سن الثالثة، وهي تحدث نتيجةً للنقص في محصلة الطفل اللغوية واللفظية، بالإضافة إلى تزاحم الأفكار التي تتسابق للخروج على شكل جمل قصيرة متقطعة.. حيث تتلخص أعراضه في انقباض في بعض عضلات الجسم, ارتباك في حركة العين, استبدال للكلمات بأخرى, وسرعة كبيرة في الكلام.   

كذلك فإننا نلحظ أفعالاً مترتبة على التلعثم تبدو من خلال:

  • تجنب الطفل المواقف التي تتطلب الكلام, كذلك التحدث من خلال الهاتف
  • الانطوائية: حيث يولد تنجب الطفل للمواقف الاجتماعية شعوراً داخلياً بالوحدة
  • اضطراب السلوك الاجتماعي: وهو شعور الطفل المتلعثم بالدونية ونقصان الكفاءة

ونتيجة لخوف الطفل من مواقف التكلم, وانغلاقه حول ذاته, ينمو لدى الطفل توجس من كل ما هو مجهول..  

 

أنواع التلعثم أو التأتأة عند الأطفال:

توجد أنواع عديدة من التلعثم تصيب الأطفال, وتختلف باختلاف مراحلهم العمرية:

التلعثم النمائي: وظهر في الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين (2 ـ 4) سنوات, ويستمر لعدة أشهر.

التلعثم المعتدل: ويظهر في الفئة العمرية ما بين (6 ـ 8) سنوات، ويمكن أن يستمر مع الطفل لـ سنتين أو ثلاث.

التلعثم الدائم: ويظهر لدى الأطفال من عمر (3 ـ 8) سنوات، وقد يستمر معهم لفترة، إلا في حال عولج بأسلوب فعال.

التلعثم الثانوي: ومعه تبدو تكشيرة الوجه، حركات الكتفين، تحريك الذراعين أو الساقين ورمش العينين أو تنفس غير منتظم.

 

أسباب التلعثم: تتراوح أسباب التلعثم ما بين عضوية, بيئية, ونفسية .. كالتالي

أسباب عضوية:

  • خلل في الإدراك السمعي، يظهر في صورة تأخر وصول المعلومات المرتدة.. ما يسمى بنظرية التداخل السمعي
  • حدوث تشوش في توقيت حركة (عضلة) لها علاقة بالكلام؛ كالشفتين والفك.. ما يعرف بـ نظرية اضطراب التوقيت.  

لذا فإن عوامل النطق الصحيح وسلامته تتطلب من الناحية العضوية:

  • سلامة الأذن المستقبلة الأصوات
  •  سلامة الدماغ المحلل لهذه الأصوات.

أسباب بـيئية:  

وتعد في الغالب الأقوى والأشد تأثيراً, ويبدأ هذا التأثير بعد سن الثانية, حيث يساهم الضغط النفسي في إظهار تلك العلة، من ذلك..

  • ما نراه من تعجل وإجبار بعض الأهالي لأطفالهم على الكلام، في سن مبكرة كالثانية أو الثالثة من العمر
  • أمر الآباء لأطفالهم بإعادة كلمة قالوها بتلعثم، أو التحدث ببطء، أو القيام بتوجيه كلمات للطفل مثل (كن حذراً).. وفي غالب الأحوال, فإن تعقيبات كهذه تجعل من الأطفال قلقين، الأمر الذي يودي إلى تلعثمهم بشكل أكبر, وهنا تتفاقم المشكلة..
  • كذلك استمرار الأطفال في استخدام لغتهم الطفولية بسبب الدلال وتشجيع الكبار لهم على هذه اللغة..  

أسباب نفسية:

يعتبر الجدل العنيف أو المستمر في الأسرة، مصدر قلق لكثير من الأطفال، ما يؤدي إلى حالة من التوتر داخل الأسرة, بالتالي تلعثم الأطفال. ونلاحظ أن خوف الطفل من أن يبدو بطيئاً أو بليداً، كذلك خوفه من انتقادات الآخرين له, يجعله تحت توقع بأنه لن يتكلم بشكل جيد..

ويشير بعض علماء التحليل النفسي، إلى إن التأتأة عارض عصابي, تكمن خلفه رغبات عدوانية مكبوتة، ما يعني أن التأتأة تأجيل مؤقت للعدوان. حيث هناك اعتقاد مفاده أن عدم تعبير الطفل عن مشاعر الغضب, يعتبر سبباً رئيسياً للتلعثم..

 

العلاج:

إن نحو 65 ٪ من الأطفال المتأتئين, يشفى تلقائياً في العامين الأولين من التأتأة، وعادة في مرحلة ما قبل المدرسة. بينما يتأخر حوالي 74 ٪ منهم حتى سن المراهقة المبكرة.

كذلك فإن التدخل المبكر له فعاليته في مساعدة الطفل على تحقيق الطلاقة العادية، وأول الخطوات التي يجب إتباعها.. هي الفحص الطبي الدقيق, خاصة للجهاز السمعي, عند أخصائي (الأنف, الأذن, والحنجرة)، بعدها يتم البدء في برنامج خاص, لمعالجة النطق في إحدى المراكز المتخصصةوتؤيد أفضل الأدلة المتوافرة استخدام تقنيه تسمى "تطويل الكلام" حيث يتم إعادة تركيب الكلام للطفل المتلعثم..

وللوصول لتواصل جيد.. قامت الجمعية البريطانية للتلعثم بإعداد (دليل التحادث مع الطفل) والذي ينص على:

  • عند التحدث مع الطفل - تحدث ببطء, ولكن لا تطلب من الطفل أن يبطئ, أو أن يأخذ نفسا عميقا..
  • اسمح للطفل بأخذ راحته عند ممارسة الأنشطة التي يختارها.
  • اطرح سؤالاً واحداً, وأعط الكثير من الوقت للإجابة.
  • استخدم جملاً قصيرة وبسيطة.
  • عند الاستماع إليه, انظر مباشرة له, وانتبه لما يقوله, وليس لطريقة نطقه..!!
  • توقف قليلاً قبل الإجابة على السؤال, وتأكد من حصول الجميع على دوره في الكلام.
  • أقر بوجود مشكلة في النطق عند الطفل, اعمل على تشجيعه, دون التصحيح له أو انتقاده.

 

 

أ.د. عبدالله السبيعي 

سجل دخول أو إنشئ حساب جديد الأن لإضافة تعليق.