النمو العقلى لطفل ماقبل المدرسة

كاتب المقال: الإدارة
التاريخ: الاثنين, يونيو 15, 2015 - 09:00

يمتاز النمو العفلي لطفل ما قبل المدرسة بحدوث تغيرات واضحه اذا ما قورن بالمرحلتين السابقتين ، فمن وجهة نظر العالم "جان بياجيه بياجيه" يمر النمو العقلى فى هذه المرحلة والتى تمتد من السنة الثانية الى السنة السادسة من العمر بما يطلق عليه مرحلة ما قبل العمليات Preoperational stage والتى تتميز بانبثاق عملية التمثيل العقلى ، حيث يبدأ الطفل فى بناء تنظيمات بسيطة من الرموز لتمثيل العالم فى صور أو فى جمل أو شفرات ، وإن كان يفتقد النظرة الكلية الشاملة للأمور والأحداث . فالطفل فى هذه المرحلة يظهر ما ييٌطلق عليه التركيز على المركز centration ، وهو التركيز فقط على الجوانب الأكثر بروزًا من المثير أةو الموقف دون ايلاء اعتبار يذكر للجوانب الأخرى ، فبامكان الطفل التعامل بالصور الذهنية و بالرموز كما يتناول الافعال والتصرفات الصريحه الظاهره ، فنرى الطفل يعامل مكعب الخشب مثلاً وكانه سيارة متحركة فيصدر ضجيجاً كالذي يصدره محرك السيارة.
كما تزداد قدرة الطفل في هذه المرحلة على اكتساب بعض المفاهيم الحسية مثل مفهوم الحجم والشكل فمثلا ( يستطيع التفرقه بين الكره الكبيره والصغيره ).اما المفاهـيم المجرده فلا يستطيع ادراكها. كما أن ادراكه للزمن ضعيف جداً فلا يقدره تقديراً سليماً، ولهذا يرفض الطفل التاجيل وان كان لوقت قصير معتبراً بذلك ان تلك الوعود رفض لمطالبة.
اما التفكير عند الطفل فيعتمد على الصور الحسيه اكثر من اعتماده على الافكار والمعاني لذلك يعتبر التعليم عن طريق اللعب ابلغ من التلقين والشرح ، و يؤمن الطفل بالفكرة (الاحيائية) في هذا العمر ، فهو يعتبر أن الجمادات تتسم بالحياة ، وتشعر بالألم والراحة والحراره والبرودة ، والشبع والجوع مثلة تماما .
أما بالنسبة لانتباه الاطفال بهذا العمر فهو حسي قسري ، بمعنى انهم ينتبهون الى الاشياء المحسوسه أكثر من المجرده ، والى الاشياء التي تأسر انتباههم وتثيرهم، وهذا يفسر انتباه الاطفال المفاجئ لبرامج الكرتون او الاعلانات ،فتأسر انتباههم لانها مثيره ومشوقه والأهم من ذلك لانتقالها من موضوع لاخر متماشية بذلك مع انتباههم القصير و المشتت حيث يجد الطفل صعوبة في ان يظل ملتفتاً لموضوع واحد لفتره طويلة. ومن الجدير بالذكر هنا ان الاطفال في هذه المرحله يفضلون تقليد الكبار في كل شئ .
ويتمركز النمو العقلي فى هذه المرحلة حول الذات بمعنى أن الطفل يدرك الاشياء من
خلال وجهة نظره و لا يدرك أن المنظر الذي يراه قد يختلف في عيون الآخرين "
ويمكن تلخيص أهم الخصائص العقلية فى هذه المرحلة فى النقاط التالية : 
• وجهة نظر متمركزة حول الذات". فهو لا يفهم الا وجهة نظره هو فقط. 
• يركز انتباهه على التفاصيل المتعلقه بجانب واحد فقط للشيء .
• انتباه الطفل من حيث المدى فلا يميل مثلا للعب في نفس المكان بل يميل للتنويع.
• ولا يستطيع الانتباه أو المتابعة لقصة أو لحكاية سوى دقائق معدوده ويمل.
• الادراك فلا يستطيع الطفل التحديد والادراك للاشياء الا مع نهايه هذه المرحله.
• التذكر كلما يتقدم العمر يزداد التذكر فمثلا طفل السنتين يتذكر رقمين والثلاثه ثلاثه وهكذا. 
• التخيل وله اهميه بالغه حيث يتميز الطفل في هذه السن بالخيال الواسع. كما تمتاز هذه المرحلة بقوه خيال الاطفال ، حيث يطغى الخيال على الحقيقه و يختلط الواقع بالخيال وهذا ما يفسر لنا جزء من اكاذيب الطفل في هذه المرحلة ، ولا ينظر اليها باعتبارها أكاذيب او تشويهاً للحقيقه وانما هي تخيلات وأحلام يقظه يراها الطفل كثيراً على انها حقائق واقعية ،و من أمثلة خيالات الطفل ما يفعلة عندما يركب العصا باعتبارها حصاناً،و يعتبر نفسه فارساً،كما تتخيل الطفلة الدمية على انها ابنة وهي امها و تقوم بتأديبها تاره و ملاطفتها تارة اخرى. 
بالإضافة الى ذلك يكون من اهم مظاهر النمو العقلي (الاستطلاع والاستكشاف ) ويتمثل ذلك في كثرة أسئلة الطفل عن الاشياء واسبابها ، وغالباً ما يسمع الوالدين أسئلة كثيرة تبدأ بماذا،ولماذا،وكيف و أين؟ وقد يكون مدفوعاً لهذه الاسئلة بالخوف و القلق او حب الاستطلاع او لفت الانتباه .
كما ان الطفل في هذا المرحلة يبدأ بإدراك بعض المفاهيم الحسية المتعلقة بالزمن مثل الصباح و المساء و الليل والنهار وتسلسل الاحداث، يلاحظ أن التذكر المباشر هو السمه الغالية على ذاكرة الاطفــال حيث يتذكرون الحوادث والمواقف والكلمات دون فهم لمعانيها، ولديهم سهولة في تذكر الاحداث ذات الدلالة الانفعالية.
كما ان الاطفال يميلوم الى تذكر صور الاشياء اكثر من اسمائها.اذ أن ذاكرة الاشكال تفوق ذاكرة الاسماء بالقوه. 
خصائص النمو اللغوي :
يتفق العديد من الباحثين على أن هذه المرحلة تتميز بسرعة النمو اللغوي ، تحصيلا وتعبيرا وفهما . واللغة شأنها شأن أكثر المهارات المعقدة ، أمر يصعب تعلمه دفعة واحدة . وتتضمن العناصر الصوتية الكلمات (morphemes) ( أبسط الأصوات التى لها معنى ) وقواعد التركيب ( morphological) ( القواعد التى تحكم تكون الكلمات ) وقواعد التعبير )( syntactic)أى القواعد التى تحكم بناء الجمل من الكلمات . والتمكن من الطائفتين الثانيتين يتقدم بمعدل أسرع خلال هذه الفترة ، مما يمكن الطفل من بناء سلاسل لا تنتهى من الجمل الجديدة . كما أن الاستخدام الصحيح لأزمنة الأفعال وأقسام الكلمة والتسلسل السليم للصفات والأسماء والأفعال والظروف فى الجمل أمر يكتسبه الطفل فى العادة بدون تعليم مباشر . بحيث نجد أن الطفل الذى لم ينطق بكلمة (ثلاجة) يستطيع أن يستخدمها استخدامًا صحيحًا لأول مرة يضع فيها الكلمة فى جملة من الجمل . 
ومن مظاهر هذا النموفى هذه المرحلة المظاهر التالية :
1- يتجه التعبير اللغوي فى هذه المرحلة نحو الوضوح ، والدقة ، والفهم .
2- يتحسن النطق ، ويختفى الكلام الطفلى مثل الجمل الناقصة ، والإبدال واللثغة وغيرها .
3- يزداد فهم كلام الآخرين .
4- يستطيع الطفل الإفصاح عن حاجاته وخبراته .
5- يقلد بمهارة الأساليب المرتبطة بالكلام كأساليب الإخبار والنفى والتعجب والسؤال .
6- يحاكى أصوات الحيوانات ، والطيور ، والظواهر الطبيعية ، والأشياء المألوفة كالساعة والسيارة .
7- الاعتماد الرئيسى فى هذه المرحلة يكون على الكلمة المسموعة ، لا المكتوبة .
8- من دراسات لغة الطفل ، ذكر أن طفل الرابعة ينطق 77% من أصوات اللغة نطقا صحيحا و88% فى سن خمس سنوات وتصل النسبة إلى 89% فى سن ست سنوات ، ويبلغ حجم مفردات طفل الرابعة (1450) كلمة وطفل الخامسة حوالى (2000) كلمة وطفل السادسة حوالى (2500) كلمة .
9- أما فيما يتعلق بالفروق بين البنين والبنات فقد أشارت بعض الدراسات إلى تفوق الإناث على الذكور فى اللغة المنطوقة بينما أشارت دراسات أخرى إلى عدم وجود فروق بينهما فى ذلك .
10- يستخدم الطفل الجمل البسيطة والمعقدة والمركبة ، ولا تزال جملا غير مكتملة نحويا وتستمر من الثالثة حتى الخامسة .
11- بدءًا من سن الخامسة يظهر النظام اللغوي المستقل الذى يتضح فى استخدام الجمل، وتزايد أنواعها وطولها .
وهكذا يتضح ان هذه المرحلة هى مرحلة أسرع نمو لغوى تحصيلا وتعبيرا وفهما ، وتعرف هذه المرحلة بالعصر الذهبي للغة فى حياة الطفل ، فهو يلتقط كل جديد من الكلمات ، ويحاول جاهدا أن يكرر كل ما يسمعه كما أن الأسئلة فى هذه المرحلة اللغوية تتميز بالكثرة . فقد أشار البعض إلى أن حوالى 10 - 15% من حديث الطفل فى هذه المرحلة يكون عبارة عن أسئلة ، بل إن الأسئلة وحب الاستطلاع تساعد على اتساع الحصيلة اللغوية للطفل .

 

 

د. صلاح الدين السرسي 

سجل دخول أو إنشئ حساب جديد الأن لإضافة تعليق.