الوقاية من الوساوس تبدأ فى الثانية

كاتب المقال: الإدارة
التاريخ: الثلاثاء, يونيو 16, 2015 - 10:14

لايعرف قدر المعاناة التى يعانيها مريض الوسواس القهرى الا من تعرض لها بدرجة أو بأخرى . فلا شىء يعدل كم القلق والاندفاعات التى تنتاب مريض الوسواس ومحاولاته للتغلب عليها . فمريض الوسواس يعانى كثيرا بسبب أعراض مرضه، ربما أكثر من أي اضطراب نفسي آخر، خاصة حين تكون وساوسه أو أفعاله القهرية متصلة بموضوعات الطهارة والعبادة ، إذ قد تأتيه الوساوس في صورة شكوك في العقيدة، أو في الرسالة أو الرسول، أو تأتيه في صورة اندفاع نحو سب الذات الإلهية أو إنكار وجودها أو تخيلها في صور لا تليق بها.
فالوسواس القهري هو نوع من التفكير - غير المعقول وغير المفيد- الذى يلازم المريض دائما ويحتل جزءا من الوعى والشعور مع اقتناع المريض بسخافة هذا التفكير مثل تكرار ترديد جمل نابية أو كلمات كفر في ذهن المريض أو تكرار نغمة موسيقية أو أغنية تظل تلاحقه وتقطع عليه تفكيره بما يتعب المصاب, وقد تحدث درجة خفيفة من هذه الأفكار عند كل إنسان خلال فترة من فترات حياته، ولكن الوسواس القهرى يتدخل ويؤثر في حياة الفرد واعماله الاعتيادية وقد يعيقه تماما عن العمل .
وتصل نسبة هذا المرض الى حوالي 2% وهذا يعني انه يعاني حاليًا واحد من كل خمسين من الناس من هذا المرض ، وربما كان ضعف هذه النسبة قد عانوا من أعراض هذا المرض خلال احدى مراحل حياتهم .
ومرض الوسواس القهري عادة ما يشير الى وجود وساوس و أفعال قهرية، رغم أن المصاب بمرض الوسواس القهري قد يعاني في بعض الأحيان من أحد العرضين دون الأخر. ومن الممكن أن يصيب هذا المرض الأشخاص في جميع الأعمار. ويحاول الأشخاص المصابون بمرض الوسواس القهري في العادة أن يخففوا من الوساوس التى تسبب لهم القلق عن طريق القيام بأعمال يشعرون أنهم مجبرون عليها . و تسبب أعراض الوسواس القهري القلق والتوتر وتستغرق وقتًا طويلاً و تؤثر على مجرى حياة الفرد وتحول بشكل كبير بين قيام المرء بواجباته اليومية كما تؤثر في حياته الاجتماعية و في علاقاته بالآخرين.
و يدرك معظم الأشخاص المصابون بالوسواس القهري أن وساوسهم تأتي من عقولهم ووليدة أفكارهم وأنها ليست حالة قلق زائد بشأن مشاكل حقيقية في الحياة، وأن الأعمال القهرية التي يقومون بها هي أعمال زائدة عن الحد وغير معقولة.
والأعراض والتصرفات السلوكية المرتبطة بمرض الوسواس القهري مختلفة وواسعة المجال. والقاسم المشترك بين هذه الأعراض هو السلوك العام الغير مرغوب فيه أو الأفكار التي تحدث بشكل متكرر عدة مرات في اليوم. وإذا استمرت الأعراض بدون علاج، فقد تتطور إلى درجة أنها تستغرق جميع ساعات اليقظة الخاصة بالمريض و بعض الأعراض والتصرفات قد تشتمل على الآتي: التأكد من الأشياء مرات ومرات مثل التأكد من إغلاق الأبواب والأقفال والمواقد ، القيام بعمليات الحساب بشكل مستمر "في السر" أو بشكل علني أثناء القيام بالأعمال الروتينية. تكرار القيام بشيء ما عددًا معينًا من المرات. وأهم هذه الأعراض ما تعلق منها بالنظافة والطهارة كتكرار عدد عدد مرات الاستحمام. ترتيب الأشياء بشكل غاية في التنظيم والدقة تحت ضغط اندفاع قهرى .. بشكل غير ذي معنى لأي شخص سوى المصاب بالوسوسة. الصور التي تظهر في الدماغ و تعلق في الذهن ساعات طويلة ..و عادة ما تكون هذه الصور ذات طبيعة مقلقة. الكلمات أو الجمل غير ذات المعنى التي تتكرر بشكل مستمر في رأس الشخص. التساؤل بشكل مستمر عن "ماذا لو"؟ ... تخزين الأشياء التي لا تبدو ذات قيمة كبيرة -- كأن يقوم الشخص بجمع القطع الصغيرة من الفتل ونسالة الكتان من مجفف الثياب.و يقوم الشخص عادة بادخار هذه الأشياء في ظل إدراك يقول "ماذا لو احتجت هذه الأشياء في يوم ما؟" أو أنه لا يستطيع أن يقرر ما الذي يتخلى عنه؟ الخوف الزائد عن الحد من العدوى -- كما في الخوف من لمس الأشياء العادية بسبب أنها قد تحوي جراثيم.
وترجع مدرسة التحليل النفسى هذا المرض الى الاضطراب والقلق الذى يخبره الطفل أثناء تدريبه على ضبط وظائف الإخراج ، فقد ذهب فرويد إلى أن الإنسان يمر أثناء نموه بخمس مراحل نفسية، الأولى هي فترة الولادة وما بعدها بسنة واحدة يكون فيها المصدر الرئيسي للإشباع وللحصول على اللذة هو الرضاعة ويطلق عليها تسمية المرحلة الفمية the oral phase. المرحلة الثانية وهى التى تعنينا هنا : وتمتد من السنة الثانية حتى السنة الثالثة من العمر وتكون فيها منطقة الشرج المصدر الرئيسي للحصول على اللذة ويطلق عليها اسم المرحلة الشرجية the anal phase..
وأهم خصائص هذه المرحلة هو التلذذ اثناء التبرز والتبول وتحسس الشرج والاعضاء التناسلية من باب اكتشاف الطفل لاعضائه ولذاته بشكل لا واعي.
ومن وجهة نظر المدرسة التحليلية على الأهل أن يدركوا ان هذا الامر طبيعي ولا يجب التعليق عليه.
كما لا يجب ان يكثر الاهل من مداعبة الاولاد في هذه الفترة ولا ان يستعملوا القسوة أو التهديد بقطع العضو التناسلي بهدف منع الطفل من القيام بذلك.
ومن المهم اكساب الطفل مفهوم النظافة وتدريبه عليها بشكل متوازن ومعتدل يضع فى اعتباره خصائص الطفل وخصائص المرحلة السنية واعتبارها محطة مهمة من محطات الحياة النفسية.
وتشمل هذه المرحلة ايضا مرحلتين فرعيتين حيث يسعى الطفل فى البداية على اللذة من خلال القذف والإخراج والإمساك والإبقاء ، والثانية من خلال تدريب الطفل على الإخراج في بداية السنة الثالثة وما يشعر به من راحة وإزاله للقلق لتخلصه من الفضلات ويرى فرويد ان المنطقة الشرجية تصبح العنصر الأهم في تكوين الشخصية ويجب على الطفل فيها إن يتقن المهمات التالية :
1- تعلم الاستقلال
2- الإحساس بالقدرة الشخصية
3- تعلم كيفية إدراك المشاعر السلبية والتعامل معها
4- مواجهه متطلبات الوالدين
5- التعامل مع الإحباط الناجم عن التعامل مع الأشياء واستكشاف بيئاتهم
6- التحكم بعضلات الإخراج
7- إرجاء اللذة واخضاعها للواقع
وتتوقف بعض السمات للأشخاص على الطريقة والأسلوب التي استخدمتها الأم في تدريب طفلها على ضبط عملية الإخراج فان كان أسلوبها قاسيا فقد يقبض الطفل على عضلاته ويصاب بالإمساك وتعمم هذه الاستجابة لدى الطفل ويصبح عنيدا ,وان كان أسلوبها يتسم بالملاطفة والحنان أثناء عملية التخلص من الأوساخ تنمو شخصية سليمة لدى طفلها تتسم بالقدرة على الإنتاجية والخلق وبعض الأطفال يحاولن السيطرة على أهلهم من خلال إمساك او ضبط عمليات الإخراج واذا استخدم الأهل أسلوب تدريب قاسي فمن الممكن ان يعبر الأطفال عن غضبهم من خلال التبرز في أماكن وأوقات غير مناسبة , مما يورث الأطفال خصائص مثل القسوة والتعبير عن الغضب بطرق غير مناسبة
ويؤكد فرويد أهمية المرحلة الشرجية بقوله دع الأطفال خلال هذه المرحلة ان
يجربوا الأشياء بأنفسهم ودعهم يعملون أخطاء ويشعرون بأنهم محبوبين ومقبولين
بالرغم من ارتكابهم للأخطاء واعتبرها فرويد رسالة لكل أب وأم وملم ومرشد او
معالج لمساعدتهم على إدراك قوتهم كأشخاص لهم كياناتهم الشخصية المستقلة
والفريدة.
وسوف نعرض فى المقالة التالية سبل التدريب السليم لضبط وظائف الإخراج وتعليم الطفل كيفية التخلص السليم من فضلاته ، وتنظيف نفسه دون أن يؤدى هذا التدريب الى المضاعفات المرضية التى يتمثل أخطرها فى اضطراب الوسواس القهرى .

 

 

 

د. صلاح الدين السرسي 

سجل دخول أو إنشئ حساب جديد الأن لإضافة تعليق.