النمو الاجتماعى والانفعالى

كاتب المقال: الإدارة
التاريخ: الجمعة, يوليو 3, 2015 - 17:32

قبل عرض النمو الاجتماعى الانفعالى فى مرحلة النمو من الطفولة الباكرة حتى نهاية المراهقة ، لابد وأن نتعرف على محكات هذا النمو وغايته فعندما أصف شخص ما بأنه يتسم بنمو اجتماعى أو انفعالى سوى أو سليم ، أو بأنه على درجة عالية من النضج الاجتماعى الذى يمثل فى النهاية درجة صحته النفسية ، لابد وأن يكون هذا الوصف أو هذا الحكم مبنيا على أسس أو محددات سلوكية معينة .

فما هى هذه المحكات التى نرجع إليها فى الحكم على شخص ما بالنضج أو عدم النضج ؟

محكات الصحة النفسية:

سنتحدث باختصار عن محكات الصحة النفسية أو النمو الاجتماعى الانفعالى والتى يمكن ايجازها فى النقاط التالية :

1- المرونة : 

فالشخص الذى يتميز بدرجة نضج عالية شخص يتسم بالمرونة، ويستطيع أن يتحكم فى اتجاهاته ونشاطه وينقله من مجال أو من وجهة إلى أخرى بسهولة دون جمود أو تصلب أو تشنج . 

2- ضبط العدوان : 

يستطيع أن يتحكم فى نوازعه ودوافعه العدوانية ويوجهها إلى مجالات خلاقة ومنتجة ومحققة للذات بأسلوب مقبول اجتماعيا كالمسابقات والمباريات والمبادءات والمبادرات .

3- تآلف النزعات والدوافع والتنسيق بينها : 

فالشخص السوى يستطيع أن يحل التعارض القائم بين بعض نوازعه ودوافعه وبعضها الآخر ويستطيع أن يشبع بعض هذه الدوافع ويرجأ اشباع بعضها الآخر وفق أولويات يضعها لنفسه وتكون مقبولة أيضا من المجتمع ومتوافقة مع معاييره .

4- الانتاجية :

القدرة على العمل والانتاج ، هذا المحك يعتبر من أهم محكات الصحة النفسية .

5- إشباع الحاجات الذاتية مع عدم الإخلال بحاجات الآخرين :

6- الاستقلالية والتعاون :

اتجاهات النمو الانفعالى :

يسير النمو الانفعالى الاجتماعى السليم من الطفولة المبكرة وحتى الرشد فى الاتجاهات التالية :

1-الاتجاه من حالة الاعتماد على الآخرين إلى حالة الاستقلال والاعتماد على الذات.
2- تنتقل مصادر ضبط السلوك من الخارج إلى الداخل وتنمو مشاعر الاستقلالية والتوجيه الذاتى .
3- تتطور أشكال الإشباع من التمركز حول الذات إلى أشكال إشباع تضع فى اعتبارها سعادة الآخرين ورغباتهم .
4- تتطور أساليب السلوك من الأساليب الخيالية إلى أساليب واقعية تتناسب مع قدرات الفرد وامكاناته وبما لايتعارض مع متطلبات المجتمع الذى يعيش فيه .

النمو الانفعالى الاجتماعى :

النمو الانفعالى الاجتماعى من الميلاد وحتى عمرسنة :

يحتاج الرضيع لملامسة الأم أو من يقوم مقامها لبشرته ، هذه الحاجة ترتبط بأسلوب تغذية الطفل من خلال منعكس المص الطبيعى الذى يولد الطفل مزودا به واتصال الرضيع بثدى الأم يشعره بالسعادة والأمان . وسلوك الالتصاق بالأم يعمم من الأم إلى الأشخاص الآخرين فى قابل عمره ويؤدى إلى زيادة التطبيع الاجتماعى. كما أن استجابة الرضيع لللأم تدعم سلوك الأم وتدفعها لتقديم المزيد من الرعاية والاهتمام بالطفل .
يبدأ الطفل فى تعلم خاصية التوقع وينميها من خلال علاقته بالأم ومن بيئته المتصلة بالأم ، ويتألم عندما يتعرض لمظاهر بيئية غير مألوفة .
وبدءُا من الشهر الثامن تقريبا ترتبط عملية الرضاعة بحاستى الإبصار والسمع . ويكتسب الوضع الذى يقدم فيه للطفل الغذاء دلالة نفسية عميقة ، فوضع الطفل أثناء تغذيته فى مواجهة الأم يدعم العلاقات الشخصية المتبادلة بين الأم والطفل .

الصراخ والبكاء : 

تبدأ حياتنا بصرخة الميلاد ، وطوال الأسبوعين التاليين على الولادة يصرف الطفل مايقارب الساعتين يوميا فى البكاء . ولا يبكى الطفل بدون سبب ، انما يبكى من أثر الجوع أو من الألم أو من عدم الارتياح ، وتستطيع الأم خلال السنة الأولى أن تفهم لغة البكاء وما تدل عليه ، وتميز بين البكاء المعبر عن الجوع والبكاء المعبر عن حاجة الطفل إلى وجود الأم وملاصقتها له والبكاء الدال على وجود شىء ما يؤلمه أو يزعجه ، واشباع الأم لحاجة الطفل تجلب له الرضا وتكسبه الشعور بالأمن والاطمئنان.
أما المناغاة التى تعبر عن حالة الرضا والسرور فإنها تزداد كلما استجابت الأم لها وكذلك إذا استجاب لها الأفراد الموجودين فى محيطه ، هذه المناغاة تبدأ فى الشهر الثالث أو الرابع من العمر .
وتظهر الابتسامة الاجتماعية فى عمر شهرين تقريبا وغالبا ما تكون الأم هى موضع ومثار هذه الابتسامة .
يكتسب الرضيع الاحساس بالموضع المكانى من خلال الأصوات والحركات .
ومع نهاية السنة الأولى من العمر تتحقق للطفل درجة من الاستقلالية الجسمية عن الأم وتنمو لديه مجموعة من الامكانات أهمها :
درجة وعى بالعالم الخارجى .
قدرة على التواصل مع الآخرين من خلال الأصوات .
اكتساب بعض المهارات الحركية التى تمهد له امكانية المشى فيما بعد .

من عمر سنة إلى ثلاث سنوات :

ينمو لدى الطفل حب الاستطلاع والاستكشاف فى هذه المرحلة ويكتسب الطفل المهارات التالية :

الحركة :

1- القدرة على الحركة وتناول الأشياء .
2- درجة الحرية فى التنقل أكبر .
3- القدرة على تغيير بعض المواقف وإزالة بعض العوائق وحل بعض المشكلات .

اللغـة :

1- يكتسب الطفل فى هذه المرحلة بعض عادات الكلام البسيطة ويستطيع بها التواصل مع الآخرين .
2- يتم التعبير عن الوعى بالذات من خلال اللغة .
3- تظهر فى هذه المرحلة بعض مظاهر السلوك العدوانى خاصة العض.
4- الأمن الذى توفره الأم يسهل من وعى الطفل بذاته .
5- حب الاستطلاع المتصل بجسم الطفل وأعضائه يؤدى إلى وعى الطفل بذاته.
6- تكثر استجابات الخوف والقلق عندما يتعرض الطفل لأحداث غير مألوفة أو غير متوقعة .
7- ينمو شعور الاستقلال والاعتماد على النفس ويكثر الحديث بضمير الأنا .

دور الأم :

يتغير دور الأم فيتطور من دور المساند إلى دور المعلم الذى يهدف إلى تطبيع الطفل على العادات والسلوك الاجتماعى مثل :

1- التدريب على عمليات الإخراج .
2- التدريب على النظافة .
3- ضبط النشاط المخرب والهدام .
4- الحد من بعض أنشطة الطفل الاستكشافية التى تسبب الضيق والقلق أو الإتلاف والتخريب .

من سن ثلاث سنوات إلى ست سنوات :

يتسع نطاق تواصل الطفل ويمتد ليشمل مجالا واسعا من المهارات اللفظية وغير اللفظية وتمتد علاقات الطفل بالرفاق وتصبح أكثر نشاطا وفاعلية ويؤدى هذا إلى الآتى :
1- تمتد بيئة الطفل التى يمارس من خلالها نشاطه إلى خارج الأسرة وبعيدا عن البيت .
2- يزيد اندماج الطفل واعتماده على زملائه ورفاقه .
3- تتحول أنشطة اللعب من الأنشطة الفردية إلى الأنشطة الاجتماعية التى تتطلب التعاون أو المنافسة مع الآخرين .
4- لا يفرق أغلب الأطفال بين الخيال والواقع فى اللعب فى هذه المرحلة .
5- يتوقف السلوك العدوانى للطفل فى هذه المرحلة على العوامل التالية :
أ‌- النماذج السلوكية الموجودة والصادرة عن الراشدين وبخاصة ما يصدر عن الوالدين .
ب‌- أساليب العقاب الى يلقاها الطفل نتيجة سلوكه العدوانى.
ج-كثيرا ما يتم تدعيم السلوك العدوانى لدى الذكور أكثر مما يحدث بالنسبة
للإناث.
6- ينمو السلوك الوجه نحو التحصيل .
7- يتم تنميط السلوك المناسب للجنس بما يتفق والإطار الثقافى .
8- تعلم مجموعة من مسنويات السلوك المقبول ، والمرور بخبرات الشعور بالإثم أو الذنب مما يشكل الأساس النفسى للنمو الخلقى .
9- الوالدان عادة يمثلان النماذج المناسبة للسلوك ، ويزداد تعلم الطفل لسلوك النموذج إذا كانت العلاقة بالنموذج تتسم بالحب والتقبل والتسامح .

من سن 6 إلى 13سنة :

1- يشارك الطفل فى العديد من الأنشطة التى تنبع من العمل المدرسى واللعب الاجتماعى .
2- يؤثر الوالدين على الطفل فيما يتصل بتقديره لذاته واحترامه لها .
3- تتطور الأدوار الجنسية وتصبح أكثر تحديدا .
4- يستمر النمو الخلقى ويصبح الطفل أكثر مرونة وتنبنى أحكامه على التعاون ويضع فى اعتباره حاجات الجماعة .
5- يتوحد الطفل مع الجماعات الدينية والرياضية ويتسم هذا التوحد بالثبات النسبى.
6- يكون ارتباط الطفل بالأطفال من نفس الجنس هو النمط الغالب فى هذه المرحلة .
7- يميل الطفل لمسايرة اتجاهات وقيم جماعة الرفاق .

من سن 13إلى سن 18:

1- تؤثر التغيرات التى تطرأ على المظهر الجسمى فى فترة المراهقة على التوافق الانفعالى والاجتماعى .
2- المظهر الأساس للتوافق فى هذه المرحلة هو بناء الاستقلال وتحرير الفرد لنفسه من تأثير الوالدين وضيطهما لسلوكه .
3- يشتد ضغط الدوافع الجنسية فى هذه المرحلة مما يخلق توترات ومشكلات خصوصا مع ما تفرضه الثقافة من ضوابط وقيود على السلوك الجنسى .
4- تتحول جماعات الرفاق من الجنس الواحد إلى أشكال من التفاعل بين الذكور والإناث .
تلك هى الخطوط الرئيسية التى تحكم منحى النمو الانفعالى والاجتماعى للفرد بصفة عامة وهى تمثل الأساس المعيارى الذى يمكننا من خلاله الحكم على سلوك شخص معين بكونه يساير المعايير الطبيعية للنمو ؛ أم أنه يتسم بدرجة ما من التخلف أو الإعاقة فى النمو .

 

 

 

 

 

د. صلاح الدين السرسي 

سجل دخول أو إنشئ حساب جديد الأن لإضافة تعليق.