من أنماط التفكير المكتئب 2

كاتب المقال: الإدارة
التاريخ: الأحد, يونيو 7, 2015 - 18:55

كنا قد تحدثنا في مقالة سابقة عن بعض أنماط التفكير المكتئب الذي قد يكون سبباً في حدوث الاكتئاب أو حدته واستمرار بقائه... أستكمل هنا الحديث عن أنماط أخرى للتفكير المكتئب:

5. الأفكار التلقائية: وهي تلك العبارات التي نرددها في دواخلنا بشكل عفوي وتلقائي ، عندما نكون في مواقف معينة. وقد سميت تلقائية لأنها ليست نتاج تحليل منطقي أو واعٍ للموقف ، بل هي أقرب ما تكون لرد الفعل السريع. ومع أن هذه الأفكار قد تكون إيجابية أحياناً وسلبية أحياناً أخرى ، إلا أن الصبغة السلبية هي الطاغية على تفكير المكتئب مما يجعله فريسة سهلة لمزيد من الاكتئاب.
وتحدث الأفكار التلقائية في إطار المواقف الاجتماعية التي يعتريها الغموض بطبيعة الحال ، ويمكن تفسيرها على وجوه مختلفة. وهنا تجد الأفكار التلقائية السلبية مرتعاً خصباً لها ، لتخلق من حولنا عالماً سلبياً بأسره. وكلما مارست هذا النوع من التفكير أصبح من الصعب عليك التعرف عليه لأنه أضحى منسجماً مع الرؤية السلبية التي يصطبغ بها عالمك الداخلي فينسحب لونها الداكن على عالمك الخارجي.

لذلك: تعرف على الأفكار التلقائية السلبية وأخضعها لمبضع العقل الواعي لتتحول إلى أفكار إيجابية مفيدة

 

6. الاعتقادات غير المنطقية: وتتميز الاعتقادات بأنها أكثر رسوخاً من مجرد الأفكار ، وهي غير منطقية عندما لا تنسجم مع منهج التفكير المستند إلى العقل. ومن أمثلة هذه الاعتقادات:


 لا يمكن أن أكون سعيداً إلا إذا كنت محبوباً من الكل... (يربط السعادة بحب الجميع له بلا استثناء).
 لا يمكن أن يكون الإنسان سعيداً إلا إذا كان غنياً... (يربط السعادة بالغنى).
 الأحداث السيئة لا تحدث للناس الطيبين... (يعني أنه سيء).
 لو أنني ذكيٌّ لكنت إنساناً ناجحاً... (يتهم بنفسه بالغباء ويعلق عليه الفشل).

موطن الخلل في هذه الاعتقادات أن المكتئب يفترض أنها دائماً صحيحة ، فمن المنطقي أن تكون سعيداً إذا كنت محبوباً أو غنياً ولكن محبة الناس كلهم لك أمر مستحيل ، والسعادة ليست حكراً على الأغنياء دون الفقراء ، والتعاسة يمكن أن تطال حتى الأغنياء. كما أن الكل معرض في هذه الحياة لحدوث ما يحب وما يكره ، والله قد يبتلي أحدنا بالخير أو بالشر كما قال تعالى في سورة الأنبياء (الآية 35): "وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ".

لذلك: تعرف على المعتقدات غير المنطقية ، وتعلم كيف تفندها ، وكيف تبني على أنقاضها نظاماً فكرياً منطقياً.

 

7. التعميم والتهويل: عندما تأخذ تجربة سلبية وتقوم بتعميمها على باقي تجاربك وخبراتك ، أو تضخمها حتى تجعل منها جريمة لا تغتفر فأنت تستخدم التعميم والتهويل وهما نوع من المبالغة.
كلنا نرتكب أخطاء في حياتنا ، ولكن الخطأ أو حتى عدد من الأخطاء عندما يتم تعميمها لنخلص منها أننا فاشلين أو سيئين أو عاجزين فإننا ندفع بأنفسنا إلى عالم الاكتئاب.

لذلك: تعلم أن تقيس أخطاءك بالقسطاس المستقيم

 

8. التشوهات المعرفية: وهذه درجة أعمق من مجرد الأفكار أو الاعتقادات ؛ لأنها تشوه الحقيقة في أذهاننا ، فلا نراها على واقعها. هذا الخلل الفكري يجعلنا نحن نشوه الواقع المحيط بنا ، ونرى ذلك على أنها لحقيقة المطلقة. ومن أمثلة التشوهات المعرفية الشائعة: "كل العلاقات مبنية فقط على المصالح" ، "الدنيا كلها آيلة للزوال" ، "الناس ما يعطون خير" ، "الأقارب عقارب" ، "اتق شر من أحسنت إليه". هذه الأفكار قد تكون في جانب منها صحيحة ، ولكنها تؤخذ بشكل سلبي ، وتستند إلى جانب الصحة فيها لكي لا تخضع للمناقشة والتمحيص.

لذلك: تعلم أن تناقش القناعات والحِكَم التي تستشهد بها فقد يكون استخدامك لها مؤشراً لبنية معرفية مشوهة

 

9. المنطق العاطفي: ويقصد به أن مريض الاكتئاب يعتقد ـ كما أسلفنا ـ أنه لا يجيد عمل كذا ، ثم ينطلق بهذه الفكرة إلى محور أوسع وهو أن الكل يستطيع عمل هذا الشيء إلى الأغبياء ، ثم يعود على نفسه ليقول مقتنعاً: "إذاً أنا غبي". وكما هو واضح من المصطلح فهو قد برر عدم قدرته -من خلال شعوره المكتئب- بأنه "غبي" ، ثم صدّق هذا التبرير على نفسه ليشعر بالمزيد من الاكتئاب. إنه منطق مبني على العاطفة لا على العقل ، فهو منطق لا عقلاني ، لأنه يجعل قيمته كإنسان مرهونة بما لم يستطع فعله.

لذلك: تَعَلَّم أن تقيس قيمتك الإنسانية بما تستطيع فعله ، لا بما لا تستطيع ، لكي ترى أنك مبدع ، وجدير بالاحترام

 

مقالات ذات علاقة : 

من أنماط التفكير المكتئب (1)

 

أ.د . عبدالله السبيعي 

سجل دخول أو إنشئ حساب جديد الأن لإضافة تعليق.