الاكتئاب

كاتب المقال: الإدارة
التاريخ: الاثنين, يونيو 8, 2015 - 08:24

ما الاكتئاب النفسي؟ الاكتئاب النفسي هو أحدُ أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً. وهو يُصَنَّفُ ضمن الاضطرابات الوجدانية (Mood Disorders) التي تتسم بخللٍ في المزاج. وأهم ما يميز الاكتئاب : الانخفاض التدريجي -أو الحاد والمتسارع أحياناً- في المزاج ، والذي يظهر على شكل شعورٍ بالحزن والضيق والكآبة التي قد لا يوجد لها ما يبررها. ونتيجةً لهذه الحالة الانفعالية المؤلمة ، فإن التفكير والسلوك يصطبغان أيضاً بالنظرة البائسة ، اليائسة ، الحزينة للمكتئب ، مما يؤثر على عمله وأسرته وعلاقاته الاجتماعية.

ما أشكال الاكتئاب النفسي؟

للاكتئاب أشكال عدة لعل أهمها:
1.الاكتئاب الشديد (Major Depression): ويأتي على شكل نوبة أو نوبات من الاكتئاب فقط. وقد تصاحب هذا النوع من الاكتئاب أعراض ذهانية مثل الهلاوس أو الضلالات (الهذاءات).
وقد يحدث الاكتئاب في إطار ما يسمى بالاضطراب الوجداني ثنائي القطب حيث يحدث أحياناً نوبات من الهوس ؛ وهو الشعور بالفرح المرضي الذي يؤثر في السلوك والعلاقات الاجتماعية بسبب التهور وعدم انضباط السلوك بالحكمة والمعايير الاجتماعية
2.عسر المزاج (Dysthymic Disorder) : وهو نوع من الاكتئاب المزمن ، ولكنه أخف وطأة من الاكتئاب الشديد ، لذلك لا يصاحبه أي أعراض ذهانية.

ما أعراض الاكتئاب النفسي؟

يمكن تشخيص حالات الاكتئاب الشديد بناءً على الأعراض التالية حسب معايير الدليل التشخيصي الإحصائي الرابع للاضطرابات النفسية الذي تصدره جمعية الطب النفسي الأمريكية ((DSM-4، والتي تتلخص فيما يلي:
أ. وجود خمسة أو أكثر من الأعراض التالية خلال أسبوعين ، بحيث يعتبر وجود هذه الأعراض تغيراً عن الوضع الطبيعي. وينبغي أن يكون أحد الأعراض الخمسة على الأقل: (1) مزاج مكتئب ، (2) فقدان المتعة أو الرغبة.
ملحوظة: لا تعتبر الأعراض إذا كانت نتيجة لمرض عضوي أو استخدام عقار مخدر أو طبي.
1.مزاج مكتئب في أغلب الوقت ، وفي كل الأيام تقريباً. وذلك حسبما يدلي بذلك المريض مباشرة، أو يلاحظه أقاربه.
2.نقص واضح في الرغبة أو المتعة في كل الأشياء التي كانت تثير الرغبة أو المتعة ، وذلك في أغلب الوقت ، وفي كل الأيام تقريباً. وهذه الأعراض قد يفيد بها المريض أو أقاربه.
3.ضعف في الشهية للطعام أو انخفاض واضح في الوزن لا يمكن تفسيره بحمية غذائية ، أو زيادة في الشهية للطعام أو زيادة ملحوظة في الوزن.
4.أرق أو ميل للنوم في كل الأيام تقريباً.
5.شعور بالتوتر وعدم القدرة على الاسترخاء أو شعور بالبطء والتثاقل الجسمي في كل الأيام تقريباً ، حسب إفادة المريض بنفسه أو ملاحظة الآخرين من حوله.
6.الخمول وفقدان الطاقة في كل الأيام تقريباً.
7.الإحساس بعدم القيمة أو الشعور المبالغ فيه بالذنب (وقد تصل إلى درجات ضلالية أو هذائية) ، في كل الأيام تقريباً.
8.عدم القدرة على التفكير أو التركيز أو اتخاذ القرار في كل الأيام تقريباً ، حسب إفادة المريض بنفسه أو ملاحظة الآخرين من حوله.
9.أفكار متكررة في الموت (ليس فقط الخوف من الموت) ، أفكار انتحارية متكررة بدون خطة محددة أو محاولة انتحار أو خطة محددة لارتكاب الانتحار فعلاً.
10.خلل في القدرة على أداء الوظائف الاجتماعية أو المهنية أو غيرها من الوظائف الأخرى.
2.لا تنطبق الأعراض على الحالات الوجدانية المختلطة.
3.هذه الأعراض المذكورة في (أ) تؤدي إلى معاناة نفسية واضحة ، أو خلل في القدرة على أداء الوظائف الاجتماعية أو المهنية أو غيرها من الوظائف الأخرى.
4.هذه الأعراض المذكورة في (أ) لا يمكن تفسيرها بواسطة استخدام عقاقير مخدرة أو علاجية ، أو حالة عضوية.
5.هذه الأعراض المذكورة في (أ) لا يمكن تفسيرها بحالات الحداد. أي أن تستمر أعراض الاكتئاب لمدة تزيد عن شهرين وتؤثر في وظائف المصاب المختلفة تأثيراً مرضياً واضحاً.

ما أسباب للاكتئاب؟

ليس هناك سبب محدد للاكتئاب ، بل هناك عوامل تجعل من هذا الشخص أو ذاك أكثر عرضة للاكتئاب من غيره. ومن هذه العوامل:
1.الوراثة: دور الوراثة في حالات الاضطراب الوجداني ثنائي القطب أكثر منها في أنواع الاكتئاب الأخرى وقد وجدت الدراسات ، أن احتمالات الإصابة بالاكتئاب تزيد مرتين إلى ثلاث مرة لدى أقارب مرضى الاكتئاب من الدرجة الأولى.
2.الجنس: تزيد نسبة احتمال الإصابة بالاكتئاب في النساء عن الرجال بمقدار الضعف.
3.العمر: يمكن أن يصيب الاكتئاب كل الأعمار ، لكن سن الإصابة الأولى يحدث عادة في العقدين الثالث أو الرابع من العمر.
4. طبيعة الشخصية: ليس هناك نمط شخصية محدد له علاقة وثيقة بالاكتئاب.
5.العوامل الاجتماعية: ليس هناك علاقة بين العوامل الاجتماعية مثل الثقافة أو الحالة المادية وبين الاكتئاب النفسي.
6.الخبرات الشخصية: قد يزيد فقد أحد الوالدين في سن مبكرة ، من احتمال الإصابة بالاكتئاب.
7.الضغوط النفسية: قد تزيد الضغوط النفسية مثل الوفاة أو الطلاق أو الخلافات ، من احتمال الإصابة بالاكتئاب.

كيف يحدث الاكتئاب؟

يحدث الاكتئاب نتيجة خلل (نقص) في إفراز السيالات العصبية (المواد الكيميائية الطبيعية التي تجعل الخلايا العصبية تتواصل فيما بينها) ، مثل سيروتونين (5-HT) ونورادرينالين (NA).

ما مدى انتشار الاكتئاب؟

يصيب الاكتئاب النفسي 10% من الذكور و20% من النساء في شتى أنحاء العالم ، ويصيب 7% من السكان كل عام ، كما يؤدي الاكتئاب للانتحار في 15% من الحالات. ومع ذلك فإن أكثر من 85% من مرضى الاكتئاب لا يتلقون علاجاً له إما لجهلهم به أو لعدم توفر الخدمات العلاجية لهم.

هل هناك اضطرابات أخرى تشبه الاكتئاب؟

هناك عدد من الاضطرابات قد تشبه في شكلها الاكتئاب غير أنه لا تتوفر لها العدد الكافي من معايير التشخيص ، مثل:
1.الانخفاض العابر في المزاج في أثناء اليوم.
2.حالات الحزن والحداد لفقد عزيز ، وهي طبيعية ما لم تتجاوز الحد المقبول في مجتمع المريض.
3.اضطرابات التكيف التي تحدث نتيجة مشكلات الحياة المختلفة مثل الخلافات الإنسانية أو الظروف الطارئة غير المرغوبة.
4.الاضطرابات الصحية التي ينتج عنها تأثير مباشر على المزاج مثل اضطرابات الغدد الصماء.
5.استخدام المخدرات أو حتى بعض العقاقير العلاجية.

كيف لي أن أعرف عن كنت مصاباً بالاكتئاب؟

يمكنك إجراء هذا الاختبار البسيط -مقياس الاكتئاب- الذي لا يغني عن تقييم الطبيب إن لزم الأمر ، ولكنه قد يفيدك في تقدير معاناتك إن وجدت.

كيف يمكن علاج الاكتئاب؟

يمكن علاج حالة الاكتئاب بعدة طرق أهمها:
1.مضادات الاكتئاب: وهي عقاقير تستخدم لشتى درجات الاكتئاب لرفع مستويات مادتي سيروتونين (5-HT) ونورادرينالين (NA). وهي مأمونة العواقب وليس لها ضرر على المدى الطويل بالنسبة لأجهزة الجسم المختلفة ، ولا تسبب الإدمان. ومن أمثلتها (Flouxetine, Flovuxamine, Mertazepine, Amitryptaline, Chlomipramine...).
2. العلاج النفسي غير الدوائي ويستخدم لحالات الاكتئاب البسيطة والمتوسطة. وله أشكال منها:
التثقيف الصحي
العلاج التدعيمي الذي يقوم على شد أزر المكتئب ودعمه والتركيز على ما يمكنه القيام به
العلاج المعرفي السلوكي الذي يهدف إلى تعديل أفكار المكتئب التي تتميز بالسلبية والانهزامية وتغيير سلوكه الذي يغلب عليه الإنسحابية والانطواء. ويكون العلاج النفسي على شكل جلسات أسبوعية تستغرق كل منها 30-50 دقيقة ، وذلك لعدة أسابيع. ولا بد أن يأخذ المريض فيها دوراً فاعلاً لتعديل أفكاره ، والتدرب على المهارات التي يتعلمها في واجبات منزلية يكلفه بها المعالج.
العلاج البينشخصي (Interpersonal Psychotherapy) الذي يرتكز على إصلاح بعض المشكلات المحددة في العلاقات الشخصية مثل وضوح الدور ، وأطر العلاقة المضطربة التي يمكن أن تكون سبباً في الاكتئاب.
3.العلاج الكهربائي: ويستخدم في الحالات الشديدة على شكل جلسات كل يومين ، حيث يتم تنبيه لدماغ من خلال جهاز خاص لذلك تحت مخدر عام مثلما يحدث في العمليات الجراحية.

ماذا يمكن أن يحدث إذا لم يعالج الاكتئاب؟

ليس من السهل التنبؤ بما يمكن أن يحدث لأن ذلك يعتمد على نوع الاكتئاب وشدته. ولكن قد يؤدي للانتحار ، وقد يجعل المريض يتخذ قرارات خاطئة في حق نفسه وأسرته مثل بيع ممتلكاتهم أو الفصل من عمله أو خلافه.

هل يمكن الشفاء من الاكتئاب؟

نعم. يمكن أن يشفى الاكتئاب تماماً ولكن لا ينبغي التوقف عن الدواء إلا بمشورة الطبيب المعالج. كذلك لا ينبغي الاستعجال في حدوث النتائج المرجوة من الدواء حيث تحتاج معظم مضادات الاكتئاب إلى مدة تتراوح بين أسبوع وثلاثة أسابيع. وقد تحدث خلال هذه المدة بعض الآثار الجانبية من الدواء التي ينبغي الصبر عليها حتى تزول ويبدأ الشفاء بإذن الله. وبعد انتهاء مدة العلاج التي تستغرق حوالي تسعة أشهر فإنه يتم إيقاف الدواء تدريجياً. لكن لا يمكن الوعد بشفاء دائم لا عودة فيه للمرض بعد توقف الدواء ، لأن ذلك غير ممكن لأي طبيب من أي تخصص أصلاً.

كيف يمكنني أن أساعد نفسي؟

أولاً: بالمعرفة والقراءة ما أمكن عن الاكتئاب النفسي.
ثانياً: إذا كنت مكتئباً لدرجةٍ لا يمكنك معها العمل ، أو الاختلاط ، أو أنك فكرت في الانتحار فأنت بحاجة لمشورة طبيبة متخصصة.
ثالثاً: إذا استبعدت وجود مرض عضوي ، فيمكنك القيام بالتالي:
1.اعلم أن الله قد أراد بك خيراً ، حيث يروي أبو هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يزال البلاء بالمؤمن أو المؤمنة في جسده ، وفي ماله ، وفي ولده حتى يلقى الله وما عليه خطيئة".
2.إذا شعرت أنك مكتئبٌ قليلاً ، جرب المشي السريع ، وركز جل تفكيرك وانتباهك على الأحاسيس الجسمانية والمشاعر الانفعالية. تمتع بهذه اللحظات أطول فترة مكنة قبل أن تزحف إلى عقلك الأفكار السلبية.
3.اذهب لشراء حاجاتك الضرورية أو حتى للتسوق (رؤية البضائع) من خلال النوافذ ، أو أدخل وأقرأ كل كروت التهاني المضحكة.

كيف يمكن أن أتعامل مع مريض الاكتئاب؟

أولاً: بالمعرفة والقراءة ما أمكن عن الاكتئاب النفسي.
ثانياً: إذا كان مكتئباً لدرجةٍ لا يمكنه معها العمل ، أو الاختلاط ، أو أنه يفكر في الانتحار فهو بحاجة لمشورة طبيبة متخصصة.
ثالثاً: عليك أن تقوم بما يلي:
1.قدم له العطف الاهتمام فحسب. ولا تنزعج إن لم يتفاعل معك.
2.استمر في الحديث والتواصل معه ، ولا تيأس من المحاولة وإشعاره بالاهتمام والرعاية. ولا تنزعج إن لم يتجاوب معك أو يقابل جهودك بالشكر.
3. ساعد المريض فيما يريد القيام به من التزامات ولكن لا تقم بها نيابة عنه لكي لا تؤثر سلباً في شعوره تجاه نفسه ، وكذلك لا تعده بما لا تستطيع الوفاء به.
4.ساعد المريض فيما يريد القيام به من التزامات ولكن لا تقم بها نيابة عنه لكي لا تؤثر سلباً في شعوره تجاه نفسه ، وكذلك لا تعده بما لا تستطيع الوفاء به.

 

 

أ.د. عبدالله السبيعي 

سجل دخول أو إنشئ حساب جديد الأن لإضافة تعليق.