الوسواس يحرم عائلة من قوت يومها

كاتب المقال: الإدارة
التاريخ: الأحد, يونيو 7, 2015 - 17:59

لوسواس ... وما أدراك ما الوسواس!!.  مرض تحدث عنه علماء المسلمين قديماً وحديثاً.  وما ذلك إلا لوجوده وانتشاره لدى أبناء المجتمع ، وأيضاً لما له من آثار سلبية على حياة الإنسان ، سواءً كان مسلماً أو كافراً. وقبل أن نخوض في تفصيلات هذا المرض ، أسوق لكم جملة من الحالات الواقعية والتي عانت من هذا الوسواس أوقاتاً طويلة وسنوات عديدة : 

* الوسواس يحرم عائلة من قوت يومها : 

أب لأسرة مكونة من زوجته و أبنائه... لم يجد وظيفة رسمية لتكون مصدر رزق له ولأسرته, فعمل سائقاً لسيارة أجرة, يتكسب منها بضعة ريالات يومياً لينفق منها على نفسه وعلى عائلته .. وبعد فترة من عمله هذا أصابه الوسواس ... فكانت تراوده أفكار وسواسية متسلطة ومتكررة تقول له : "إن هذا المال الذي تتقاضاه من هذا العمل ليس حلالاً , وقد يكون فيه شيء من الحرام .. فقد يكون ما تأخذه من الزبائن أكثر مما تستحق" .. وكلما حاول أن يتخلص من هذه الأفكار فإنها تقهره وتعاوده مرات وكرات .. وتحت ضغط هذه الوساوس المزعجة .. التي أرقت ليله وأشقت نهاره .. فإن هذا الأب المسكين استسلم لها وترك عمله هذا خوفاً من المال الحرام , ففقد مصدر قوته -الوحيد- وقوت أطفاله الصغار الذين كانوا من ضحايا هذا المرض . 

* أكثر من خمس ساعات تذهب في الوضوء لصلاة واحدة : 

فتاه تدخل الحمام للوضوء لصلاة العصر, وفي الساعة التاسعة والنصف مساءً تتصل أختها بأحد الأطباء و تقول : " أختي دخلت للوضوء لصلاة العصر وإلى الآن لم تنتهي من الوضوء , فماذا نصنع ؟!!" فقد ذهبت كل هذه الساعات وهي تكرر وتعيد وضوءها وغسل أعضائها وتتأكد من صحة طهارتها. 

* كاد أن ينتحر إلا أن الله حفظه وحماه : 

عمره (39) سنة .. يعاني من وسواس الصلاة والطهارة , وكثرة الشكوك المتسلطة في الوضوء والنظافة أكثر من عشرين سنة .. حتى قال : " والله لولا خوف الله , ثم خوفي على أولادي ، لكنت قد ذبحت نفسي وتخلصت من هذه الحياة البائسة , وارتحت من هذا الهم والغم الذي أعيشة طيلة هذه السنوات المريرة بسبب هذه الوساوس المؤلمة" . 

* تبكي لأنها تشعر أنها المقصودة عند قراءتها لآيات تتحدث عن المنافقين ! : 

امرأة متدينة تبكي لأنها لا تستطيع أن تقرأ القرآن.... فهي كلما قرأت آيات تتحدث عن المنافقين والكافرين داهمتها أفكار ملحة تجعلها تشعر أنها هي المقصودة بهذه الآيات!!!!!!!! فما هو الوسواس القهري ؟هو عبارة عن أفكار أو صور متكررة وملحة تسيطر على تفكير الشخص المصاب وتستهلك وقته ,مع علمه بأنها أفكار خاطئة أو سخيفة ولكنه لا يستطيع التخلص منها مع محاولاته الشديدة والمستمرة للقضاء عليها ,مما ينتج عنه انزعاج نفسي شديد .وهو يظهر إما على شكل أفكار أو أفعال أو صور لا يستطيع المريض مقاومتها فيضطر للاستجابة لها حتى يخفف ما يصيبه من ضغط نفسي ناتج عن ذلك . 

ومن أمثلة ذلك ما يلي :-

1- يشتكي بعض المرضى من أفكار دينية متكررة ,قد تتعلق بالذات الإلهية أو الرسول عليه الصلاة والسلام أو القرآن والإسلام ,وتكون أفكاراَ خاطئة ومزعجة ,ولكن المريض لا يستطيع التغلب عليها . 

2- تكرار غسل اليدين والنظافة الشديدة وذلك عند ملامسة أي شيء ,أو تكرار غسل الملابس والوسائد وغيرها من أثاث المنزل ,أو تكرار الصلاة والشك المستمر في نقصانها وأنها غير كاملة ,وكذلك تكرار غسل العضو الواحد عدة مرات أثناء الوضوء . 

3- صور مزعجة (جنسية أو غيرها) تخترق تفكير المريض وتتكرر في مخيلته ولا يستطيع التخلص منها 

ما مدى انتشار هذا المرض ؟يصيب الوسواس القهري الرجال والنساء على حد سواء ,ويظهر في جميع مراحل العمر من الطفولة إلى الشيخوخة ,ولكن معظم الحالات تحدث في مرحلة العشرينيات ,وتقدر نسبة الإصابة بهذا المرض بحوالي 2-3%من أفراد المجتمع . 

ما أسباب الوسواس القهري ؟

هناك أسباب عدة منها : 

1- اضطرابات في بعض النواقل العصبية وكذلك زيادة نشاط بعض أجزاء الدماغ مما يؤدي إلى ظهور هذا المرض 

2- عوامل وراثية : حيث أظهرت الدراسات أن 35% من أقارب الدرجة الأولى للمريض يعانون من المرض نفسه . 

3- عوامل تتعلق بشخصية المريض : فقد أظهرت الدراسات أن ما يقارب 35% من المصابين بهذا المرض لديهم سمات شخصية وسواسية قبل حدوث المرض . 

ما هي سبل علاج الوسواس القهري ؟ 

لا بد أن يتم علاج الوسواس القهري تحت إشراف طبي , ويكون ذلك عن طريق الأدوية النفسية وكذلك جلسات العلاج السلوكي المعرفي والتي يتم فيها تعليم المريض فنيات : منع الاستجابة والتي هي من أنفع أنواع العلاج .ولا شك أن الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم تطرد الوسواس , ولكن إذا وصل إلى درجة المرض فلابد من التدخل الطبي النفسي- بالإضافة إلى ذكر الله والاستعاذة به من الشيطان الرجيم - لأن الأمر يكون قد تجاوز مرحلة الوسواس الشيطاني إلى مرحلة الوسواس القهري المرضي . 

ومن فضل الله سبحانه أن هناك نتائج جيدة للعلاج- وبالذات عند اجتماع العلاج الدوائي والعلاج السلوكي المعرفي فمثلاً: 

· تلك الأخت التي كانت لا تستطيع قراءة القرآن استطاعت بعد العلاج - بفضل الله - أن تلتحق بدورة إعداد معلمات القرآن الكريم وتخرجت منها بعد شفائها من مرض الوسواس القهري. 

· وذلك الشاب الذي كان يفكر في الانتحار ,,, تحسنت حالته بنسبة تتجاوز 90% - حسب تقديره - بعد معاناة عشرين سنة. 

أسأل الله السلامة والعافية للجميع

 

د . موسى آل زعلة 

سجل دخول أو إنشئ حساب جديد الأن لإضافة تعليق.