التباعد الأسري ... غياب للحس المشترك

كاتب المقال: الإدارة
التاريخ: الأربعاء, يونيو 17, 2015 - 11:09

في تمام الساعة الحادية عشرة قبل منتصف ليل إحدى الأسر العربية ... تجلس (رزان) منهمكة - فتاة في السابعة عشرة من عمرها - أمام التلفاز(..) أخوها (عمرو) الأصغر منها بعامين منهمكُ في دردشة عبر الانترنت، أما أخوهم الأصغر فيلعب بالعاب (البلاستيشن). أبوهم خارج المنزل يسهر مع أصدقائه إلى وقت متأخر من الليل، هذه هي عادته طوال أيام الأسبوع. والأم منشغلة في حديث مع صديقتها تشتكي، زوجها الذي قلما يبادلها الحديث؟؟ وقلما يخرج معها إلا في الحالات الضرورية مثل المرض أو بعض حالات التسوق.

يرن جرس هاتف المنزل (...) فترد (رزان) مرحباً .. شاب يطلب أخاها (عمرو) .. وتسأله من أنت؟؟ يرد المتصل أنا صديق (عمرو)؟ اعرف أنك صديقه! ولكن ما اسمك؟؟ يكرر المتصل أنا صديق (عمرو). ترد عليه، (عمرو) في غرفته إذا كنت تريده لأمر هام اتصل به على هاتفه الجوال؟

ألم الجوع يقرص معدة (عمرو) ... يمسك (عمرو) بهاتفه الجوال؟ يطلب رقم هاتف احد مطاعم الوجبات السريعة ذات الخدمات المنزلية؟ بعد فترة من الزمن يرن جرس الباب فإذا برسول المطعم يوصل الطلب. ... تتذكر (رزان) أنها لم تتناول وجبة العشاء فتطلب هي الأخرى وجبة عشائها (...).

ماذا يمكننا أن نستخلص من هذا المشهد الأسري؟ الذي يمثل عينة عشوائية في حياة أسرة عربية لمدة زمنية لا تتجاوز الثلاث ساعات؟؟ ماذا تبقى من حس مشترك بين أفراد هذه الأسرة؟، حسُ تكون محصلته مجمل ما تدركه حواسنا الظاهرية (الحواس الخمس)، وغايته "أن أشعر بما يشعر به الآخر" (...).

أيمكننا أن نفترض عددا من الفرضيات لفهم هذا النمط من الحياة الأسرية أهو نمط حياة عادي، وطبيعي أم لا؟

أم يمكننا أن نكون اقل تشاؤما ونفترض أن هذا النمط من الحياة يمثل ملمحاً من ملامح التباعد الأسري؟ ذلك معقول.

أو لنكن أكثر تشاؤماً ونفترض أن هذا النمط من الحياة يتصف بالتفكك الأسري؟؟ ذلك جائز؟

لنجرب الفرضية الأقل تشاؤما؟؟ فرضية التباعد الأسري.
ومن مظاهره التباعد الأسري ما يأتي:
قلة أو انعدام الحديث بين أفراد الأسرة، واقتصاره على أحاديث الضرورات.
غياب الدفء الأسري.
كل فرد من أفراد الأسرة يتناول معظم وجباته في المنزل بمفرده.
كل فرد له برامجه المفضلة التي تتعارض تمام التعارض مع تفضيلات أفراد الأسرة الآخرين.
كل واحد يفضل أن يكون له غرفته الخاصة، هاتفه الخاص جهاز تلفزيونه الخاص أدواته غير الضرورية الخاصة التي لا يشاركه فيها أحد.
كل فرد من أفراد الأسرة له أصدقاؤه الذين لا يعرف عنهم باقي الأسرة إلا الشيء القليل.
من الأسباب المحتملة للتباعد الأسري:
في المقام الأول بعدنا عن ربنا، وعن كتابه الحكيم، وعن سيرة نبينا الكريم فيما يتعلق بعلاقتنا ببعضنا بعضا على المستوى الأسري، وعلى المستوى الجماعي.
غياب دور الأب متمثلاً في الغياب المادي للأب بالهجرة أو الموت ويرافق هذا الغياب عجز الأم عن لعب دور الأب.
الغياب الرمزي للأب حيث يكون الأب موجود جسدا لكن ليس له أي دور يذكر (الأب السلبي).
المشاحنات والمشاجرات والصراعات الأسرية.
العوامل الاقتصادية الفقر والعوز المدقع ... وقد تكون الوفرة والرفاهية المفرطة.
المدخلات الثقافية الوافدة، والحياة العصرية التي تدعم وتعزز من نمط الحياة الفردية.
من مضاعفات التباعد الأسري ما يتأتي:
تفكك الروابط الأسرية.
تقطع سبل صلات الأرحام.
البحث عن التواصل مع الأغراب،
خوض التجارب المثيرة،
تضخم التفكير الفردي،
بروز الأنانية.
......... الخ.
هل فكرت في تقييم علاقتك بإخوتك؟؟
بين يديك مجموعة من العبارات أعدت بهدف قياس، وتقييم وتمييز العاقلات الأخوية الجيدة من المختلة.

ضع كلمة (نعم) أمام العبارة التي تنطبق وتفكيرك، ومشاعرك، وتصرفاتك. وكلمة (لا) أمام العبارة التي لا تنطبق وأفكارك، ومشاعرك وتصرفاتك.
1.نحن قريبون جدا من بعضنا .
2.اهتم كثيرا بما يقوم به أخي/ أختي.
3.أهتم كثيرا بما يعتقد به إخوتي.
4.نسعى معاً وعادةً للحصول على تقدير جيد جداً في المدرسة.
5.نقضي الكثير من الوقت معاً.
6.أخي/ أختي يهتم كثيرا بما افعل.
7.أخي/ أختي يهتم كثيرا بما اعتقد.
8.أخي/ أختي يشعر بالاستياء حينما أشعر بالسوء.
9.أخي/ أختي يشعر بالسعادة حينما أكون سعيدا جدا.
10. أقرض أخي أختي المال إذا لزم الأمر.
11. أفشي لأختي/ أخي بأكبر أسراري .
12. نقوم بعمل القدر نفسه من الأعمال.
13. أخي/ أختي يعتني بي كثيرا.
14. نحب نفس الرياضة والألعاب.
15. لدينا نفس الأصدقاء.
16. نحصل على القدر نفسه من التشجيع.
17. نحصل على القدر نسفه من التوبيخ.
18. له الحق أن يقتحم خصوصيتي.
19. لي الحق أن اقتحم خصوصيتي أخوتي.
20. لا مانع من يأخذ بعض أشيائي دون سؤالي.
21. إذا حصل أجدنا على شيئ يحب الآخر أن يحصل على الشيء نفسه.

كيفية تقدير درجات التقييم ... كل إجابة (بنعم) تقدر قيمتها بـ: (درجة واحدة) وكل إجابة بلا تقدر قيمتها بــ: (صفر). وبذلك تكون الدرجة الكلية للمقياس على النحو التالي:
1.الدرجة من (15- 21 ) تمثل دلالة على أن العلاقة الأخوية جيدة.
2.الدرجة من (10- 14) تمثل دلالة على أن العلاقة الأخوية عند حدودها المتوسطة.
3.اقل من عشرة (10) درجات تمثل دلالة على أن هذه العلاقة مختلة، وأن هناك تباعد اسري قد يصل لدرجة التفكك الأسري.
أفكار وقائية علاجية:
العودة إلى المنبع الصافي في رسم العلاقات الأسرية، وهذا المنبع هو تعاليم كتاب ربنا وسيرة نبينا الكريم والسلف الصلح.
الأخذ بما قدمته المعرفة، والخبرة الإنسانية المتميزة التي تدعم دور الأسرة المتماسكة.
عمل رحلة أسبوعية أو نصف شهرية أو شهرية حسب ظروف الأسرة لكل أفراد الأسرة.
عمل مشروع نظافة للمنزل يوم في الأسبوع (...) يشارك فيه كل أفراد الأسرة القادرين صحيا.
ضرورة تناول الأسرة وجبة من وجبات الطعام يومياً معاً أو أسبوعيا إن تعذر ذلك بسبب ظروف العمل.
تشجيع الكبار للصغار على طرح مشاكلهم بكل صراحة ودون تخويف أو تعنيف.
التواصل مع أفراد الأسرة البعيدين.
... الخ.
 

 

 

 

 

د. محمد عقلان

سجل دخول أو إنشئ حساب جديد الأن لإضافة تعليق.