اضطرابات اللغة لدى أطفال متلازمة داون

كاتب المقال: الإدارة
التاريخ: الثلاثاء, يونيو 9, 2015 - 10:17

من هم أطفال متلازمة داون ؟  مصطلح متلازمة يشير إلى مجموعة من العلامات والأعراض وهى مشتقة من "لزم" فلزم الشيء لزوما ثبت ودام واللزمة من يلزم الشيء فلا يفارقه فمتلازمة داون تشير إلى مجموعة من الأعراض والعلامات متواجدة مع بعضها البعض،كرخاوة العضلات ، وتفلطح الوجه مع عيوب خلقية فى القلب مما يلزم وجود صغر فى الأذن وخط وحيد فى كف اليد وصغر فى اليدين . وقد اكتشف هذه المتلازمة جون داون عام 1866 قبل أن يكشف لاجون عن السبب وراء هذه المتلازمة .

والمتلازمة تنتج عن مرض خلقى بسبب زيادة عدد الصيغيات ( الكروموسومات ) . والصيغيات عبارة عن عصيات صغيرة داخل نواة الخلية تحمل بداخلها كل التفاصيل الخاصة بالكائن . والشخص العادى يحمل 46 صبغية ، فى شكل أزواج حيث يتضمن كل زوج صبغيتان ( أى 23 زوج أو 46صبغية) هذه الصبغيات رقمها العلماء من واحد إلى إثنين وعشرين ، بينما الزوج الأخير لا يعطى رقما ويسمى هذا الزوج غير المرقم الزوج المحدد للجنس . يرث الإنسان نصف عدد الصبغيات (23) من الأم والثلاثة والعشرون الباقية من الأب .
وقد اكتشف العالم ليجون فى عام 1959 أن متلازمة داون ناتجة عن زيادة نسخة من كروموسوم 21 ، أدت إلى أن يكون مجموع الكروموسومات فى الخلية الواحدة 47 كروموسوم بدلا من العدد الطبيعى 46.

وتنتهى 75 ٪ من الأجنة المصابة بمتلازمة داون بالإجهاض التلقائى بدون أى تدخل طبى ، إلا أنه يولد طفل لدية متلازمة داون لكل 800 ولادة لأطفال أحياء . و80 ٪ من الأطفال الذين لديهم متلازمة داون يولدون لأمهات تتجاوز أعمارهن 35 سنة . ويزداد احتمال ولادة طفل لديه متلازمة داون بزيادة عمر المرأة .
وجميع الأشخاص الذين لديهم متلازمة داون توجد لديهم إعاقات عقلية ( تأخر عقلى ) تتفاوت شدته من طفل إلى آخر . ومعظمهم فى مستوى شدة متوسط .
والطفل الذى لديه متلازمة داون يتأخر فى اكتساب جميع المهارات الارتقائية (الحركية والعقلية و النطق والتخاطب ) مقارنة بأقرانه الطبيعيين . فى العادة يجلس الطفل بعد إكماله السنة الأولى من عمره ولا يستطيع المشى إلا فى السنة الثالثة من العمر . إلا أن هناك فروق بين بعضهم البعض فى معدل النمو كما هو الحال فى الأطفال الطبيعيين . فهناك من يجلس أو يمشى فى وقت مبكر وهناك من يتأخر الجلوس والمشى عنده كثيرا.

ماهى أعراض متلازمة داون ؟

• وجود رخاوة (ليونة ) فى العضلات مقارنة بالأطفال العاديين . تتحسن فى العادة هذه الرخاوة مع تقدم العمر مع أنها لا تختفى بشكل كامل .
• قد يكون وزن الطفل عند الولادة أقل من المعدل الطبيعى كذلك الشأن بالنسبة لطول القامة ومحيط الرأس . كما أن الطفل يزيد وزنه ببطء خاصة عندما يكون مصحوبا بصعوبات ومساكل فى الرضاعة .
• فى كثير من الأحيان يكون اتجاه طرف العين الخارجى إلى أعلى وفتحة العينين صغيرتان . كما يكثر وجود زائدة جلدية رقيقة تغطى جزء من زاوية العين القريبة من الأنف . وقد تعطى إحساسا بأن الطفل لديه حول ولكن هذا الحول يكون حولا كاذبا بسبب وجود هذه الزائدة الجلدية . 
• قد يكون الجزء الخلفى من الرأس مسطحا وبذلك تضيق استدارة الرأس فيصبح الرأس على شكل مربع أكثر منه إلى دائرة .

• بعض الأطفال لديهم خط واحد فى كف اليد بدلا من الخطوط المتعددة . كما أن الأصابع فى العادة أقصر من الطبيعى.

مشاكل التعلم لطفل متلازمة داون :

يتعلم طفل متلازمة داون كما يتعلم بقية الأطفال ولكنه يأخذ وقتا أطول ليتعلم ؛ لذلك يتطلب الأمر المزيد من التدريب والصبر . ويتعلم المشى عندما يكون عمره فى المتوسط عامين ويعتمد على نفسه فى اللبس والأكل واستخدام الحمام عندما يتم عامه الخامس ويكون له أصدقاء واهتمامات خاصة به .
عندما يتم عامه الأول يكون بقدرته الجلوس ، ويلتقط اللعب بيده . وينقلب ويأكل قطعة البسكويت بيده ، ويحاول أن ينطق أول كلمة (بابا) و (ماما) وعندما يتم عامه الثانى يحاول تعلم لبس وخلع الملابس ، ويحاول الشخبطة بالقلم ، والنظر إلى الصور وتقليب الصفحات ، ويشرب بالكوب ، ويأكل بالملعقة ، ويكون كبقية الأطفال يقلد ما يراه أو يعمله الآخرون .
إن الأطفال المصابين بمتلازمة داون يأخذون وقتاً أطول لاكتساب المهارات مقارنة بأقرانهم.كما أنهم لا يكتسبون كل المهارات التى يمكن أن يكتسبها من هم فى سنهم . وقد يكون هناك فرق فى تحصيلهم العلمى ولكن يمكن التقليل من هذه الفروق بالتدخل المبكر وتدريب الطفل. بعض الأبحاث تؤكد أن بعض الأطفال المصابون بمتلازمة داون يكتسبون المهارات بشكل أسرع إذا قدم لهم التدريب والتعليم فى وقت مبكر ؛ فالتدريب والتنشيط المبكر إضافة إلى الحنان والجو المشوق يحقق تحسن ملموس فى اكتساب تلك المهارات .
وبما أن حديثنا يتركز حول النطق والمحادثة لذلك سوف نتطرق للخصائص المشتركة بين الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة فى مجال النطق والمحادثة وسوف نشرح الخطة العامة لتدريب الأطفال فى هذا المجال .

الاعتبارات العامة فى التواصل والتدريب على النطق :

يستطيع الإنسان أن يتواصل مع الغير بعدة طرق . قد يكون أهمها النطق والمحادثة الشفوية ولكن هناك طرق أخرى من التواصل قد تكون موازية للمخاطبة بالنطق . فالشخص يستطيع أن يعبر عن شىء بنظرة من عينه أو بتغير فى علامات وجهه أو بشارة من يده . كل هذه أساليب مختلفة للتواصل بين الأشخاص إضافة إلى الأساليب الحديثة فى التواصل كالتخاطب باستعمال الوسائل الإليكترونية والكمبيوتر .
ومما لاشك فيه أن الإنسان وخاصة الطفل يتفاعل أكثر عندما يجد من يفهمه ، وكلما زاد التواصل والفهم زاد تفاعل الطفل وزادت رغبته فى تعلم المزيد واستطاع أن يكتسب مهارة جديدة لذلك فتوفير المحيط المتفهم والمتفاعل للطفل فى البيت والمدرسة والشارع يساعد فى نمو العلاقات وينمى لغة التواصل .
ومع أن هناك مشاكل مشتركة وعامة فى التخاطب والتحدث لدى الأطفال إلا أن أطفال متلازمة داون ليس لديهم مشكلة خاصة بهم من هذه الناحية . فما يعانون منه من ناحية التخاطب يعتبر من الأمور الشائعة لدى كثير من الأطفال بشكل عام ، فقدرات أطفال متلازمة داون على فهم مايقال (لغة الفهم) أعلى من قدراتهم على التحدث والتعبير عن أنفسهم أو ما يريدون قوله (لغة التعبير) . وأطفال متلازمة داون يسهل عليهم اكتساب مفردات جديدة أكثر من استطاعتهم ربط هذه المفردات والكلمات لتكوين جملة صحيحة نحويا . وقد يعانى بعضهم من صعوبة ترتيب الكلمات فى الجملة الواحدة بشكل صحيح أو لديهم صعوبة فى اخراج الكلمة أو النطق بها بشكل واضح ، او لديهم مشاكل فى فصاحة ووضوح النطق . فبعض أطفال متلازمة داون لديه القدرة على التحدث مع الغير باستخدام جمل قصيرة ومحدودة المفردات (الكلمات) وقد يستطيع غيرهم ممن لديه متلازمة داون الحديث واستخدام جمل طويلة وبها مفردات متعددة . فهناك تفاوت فى قدرات أطفال متلازمة داون . ولا شك أن المتخصصين فى مجال علاج النطق يستطيعون توظيف خبراتهم وامكانياتهم فى علاج مشاكل التخاطب لدى أطفال متلازمة داون كغيرهم من الفئات الأخرى .
وتصميم برامج العلاج يجب أت يتم بشكل فردى بناءا على قدرات ومهارات الطفل اللغوية بعد التقييم الكامل له . ومن الأهمية بمكان اشراك الأسرة فى برنامج العلاج .فأسرة الطفل والمدرسة والأصدقاء ومن يتعايش معهم أو يحتك بهم جميغهم يستطيع المشاركة فى البرنامج العلاجى لضمان نجاحه . ويستطيع إخصائى التخاطب تطوير لغة التواصل لدى الطفل والوصول به لمستوى مناسب من القدرة . وبما أن اللغة جزء من حياة الطفل اليومية فيجب أن تمارس هذه اللغة وتدعم وتعلم كجزء من الحياة اليومية ،كما هو الحال فى تعلم تناول الطعام والشراب ، والعناية اليومية بالنفس .
أما خلال المراحل الدراسية فيجب أن يكون علاج التخاطب والنطق متصلا بالمرحلة الدراسية للطفل وحاجاته فى التواصل داخل الفصل ومتطلبات المواد الدراسية التى يدرسها . وينبغى أن يلبى علاج النطق الحاجات اليومية للطفل بخصوص أنشطة المجتمع المحيط به ومتمشيا مع ميول الطفل وأسرته من الناحية الدينية والثقافية . وكما هو الحال فى علاج النطق خلال جلسات خاصة مع اخصائى التخاطب يكون كذلك من خلال انتقال الإخصائى مع الطفل خارج هذه الجلسات فى البيت وفى المدرسة وفى الشارع وفى المتجر . ومساعدة الطفل بالتفاعل والتعامل والإندماج مع من حوله . وقد تكون هناك حاجة لعلاج النطق طوال مراحل العمر من الطفولة إلى البلوغ للكثير من الأشياء وقد تحتاج الأسرة إلى المعلومات المستمروة والمتجددة .

البرنامج الشامل لعلاج النطق واللغة :

هذا البرنامج مصمم بحيث يلبى كل احتياجات الطفل فى مجال التواصل والتخاطب فى مراحل نمو الطفل المختلفة .

منذ الولادة وحتى نطق كلمة واحدة :

التدخل المهم فى هذه المرحلة يكون من خلال البيت . على أن يكون العلاج موجه إلى الوالدين فى المقام الأول . حيث يتطلب العلاج حضور الوالدين للمتابعة ولمناقشة التدريبات التى بقوم بها اخصائى التخاطب . فى هذه المرحلة يتم التركيز على برنامج للتنشيط الحسى عن طريق القيام بأنشطة تعزز وتنمى المهارات السمعية والبصرية والحسية بالإضافة إلى زيادة الاستكشاف الحسى ( عن طريق جعل الطفل يستكشف ماذا يحدث عند القيام بعمل ما ) وتنمية ذاكرة الطفل . سوف يتعرف الطفل على صوت الشخليلة أو الجرس ويعرف الفرق بين ملمس القطن وملمس الخشب عندما يلمسهما . ومن المهم متابعة اسماع جميع الأطفال المصابين بمتلازمة داون المثيرات المختلفة ، حيث يشيع لديهم حدوث التهاب فى الأذن الوسطى (Medley,Ropert1995) وتبين نتائج احدى الدراسات المنشورة Wallace, Gravel 1995)) وجود علاقة قوية بين التهاب الأذن الوسطى ( الرشح والسوائل الموجودة بالأذن الوسطى المصاحب بالتهاب أو بدون أعراض التهاب) وبين نمو اللغة والإنجاز الأكاديمى للطفل . إت بعض التأخر فى اكتساب اللغة والتى نلمسها فى أطفال متلازمة داون تعزى لوجود التهاب فى الأذن الوسطى . وبمقدور طبيب الأنف والأذن والحنجرة مع إخصائى تخطيط السمع متابعة الحالة السمعية ومعالجة رشح السوائل فى الأذن . إن الكلام وظيفة مكسوة فى الجسم البشرى . فكثير من العضلات والأعضاء التى نستخدمها فى التغذية والتنفس نستخدمها عند النطق . وبتاء على ذلك فقد يكون العلاج المتعلق بالتغذية وتمارين المضغ والبلع هو علاج للتكامل الحسى الذى ينعكس أثره الإيجابى هو وباقى العلاجات المتكاملة الأخرى على التخاطب والنطق .
الكثير من الأطفال الرضع والأطفال الصغار أجسامهم حساسة جدا للمس ؛ لايحبون أن يلمسوا ، ولا يحبون تفريش الأسنان ولا يحبون أطعمة معينة . ويطلق الأطباء على هذه الحساسية مصطلح الدفاع الحسى (Tactilely Defensive) . وعمل مساج للفم وتنشيط العضلات مباشرة وبرنامج تطبيع الفم أى إرجاع الفم لحالته الطبيعية ) باستعمال المساج يساعد الأطفال بشكل واضح فى تحمل لمس شفاههم ومنطقة اللسان . يبدأ برنامج المساج بالذراعين والأرجل حتى يصل تدريجيا خطوة خطوة نحو الوجه ثم الفم بشكل خاص .ووجد أن الأطفال بدءوا بالمناغاة وإخراج الأصوات المختلفة بعد إجراء تطبيع الفم . وبعد القيام بهذه الخطوة وبمجرد أن يسمح الطفل بملامسة فمه وشفتيه ويكتسب القدرة على تحريك فمه من خلال برنامج لتنمية مهارات التحكم فى عضلات الفم يبدأ بنطق الكلمات . وقد يشمل التدريب النفخ والتصفير ونفخ فقاقيع الصابون أو الماء ، وتحريك الفم والوجه بأشكال مضحكة وتقليد الأصوات الغريبة والمضحكة لتقوى عضلات الوجه والفم . وبوجه عام يقوم اخصائى التخاطب بتعديل فى أساليب وأنواع التمارين بناء على ما يقوم به الطفل.
إن الأساس فى عملية التواصل والتخاطب هو التفاعل الاجتماعى ، وبعض المهارات العامة مثل تبادل الأدوار فى الحديث بين الطفل ومدربه ( كأن يتحدث المدرب ثم يقول للطفل الآن هذا دورك فى الحديث ..) يمكن تدريب الطفل على الدور وهو صغير عن طريق اللعب والتقليد والتمثيل (Macdonald1989) . فلعبة الغميمة التى يتم فيها اخفاء الوجه بورقة أو بكرتون ثم اظهار الوجه للطفل بشكل تمثيلى ، وإعطاء الطفل لعبة لوقت معين ثم يأخذها منه المدرب ليلعب بها ، كل هذا ينمى أهمية الدور لدى الطفل فى وقت مبكر ، وقبل أن يتحدث الطفل بالكلمة الأولى (Kumin,1991) .
وأطفال متلازمة داون من الشهر الثامن إلى نهاية السنة الأولى لديهم قدرة جيدة على التعبير عما يريدون ، أما الأطفال الأكبر من هذا السن فإنهم يعانون ويكابدون ويجدون مشقة فى أن يفهمهم الغير فتنتج لديهم اضطرابات عند التحدث . لذلك كان من الضرورى إيجاد طرق بديلة مؤقتة للتخاطب حتى تنمو مراكز التواصل والتخاطب مع الغير للتقليل من تأثير هذه المعاناة على الطفل فى المستقبل (Gibbs, Carswell,1991) . ومع أن التحادث والتخاطب عن طريق النطق من أصعب طرق التواصل عند أطفال متلازمة داون فإن 95 ٪ من هؤلاء الأطفال يستخدمون المحادثة عن طريق النطق فى المقام الأول للتواصل مع الغير . لذلك يجب تدريهم على هذا التواصل . وإن كان هذا لايمنع استخدام أساليب أخرى مؤقتة فى التخاطب كاستعمال الإشارة والنطق معا ، أو التواصل باستعمال لوحات التخاطب ( لوحة بها رسوم يطلب من الطفل التعبير عنها أو الإشارة إليها ) . وأظهرت الدراسات أن أطفال متلازمة داون يستغنون عن طريقة التخاطب بالإشارة تلقائيا عندما يكتسبون القدرة على نطق الكلمة المرادة .

من كلمة واحدة إلى ثلاث كلمات:

بمجرد أن يبدأ الطفل استعمال الكلمة واحدة (عن طريق النطق أو بالاشارة) نبدأ خطة علاجية شاملة لتنمية لغة التخاطب من كل النواحى. فقد نركز على تنمية المفردات اللغوية (مهارات دلالية ) مثل استخدام المفردات المتعلقة بالطبخ عند إعداد طعام أو المفردات المتعلقة بالأشغال اليدوية والتلوين واللعب والتمثيل وعند الخروج إلى الشارع والسوق والرحلات (Kumin , 1996) . ومع مرور الوقت نجد أن الطفل قد اكتسب كلمات ومفردات جديدة ( وهذا مايطلق عليه بنمو اللغة على المستوى الأفقى ) . كما يستهدف البرنامج العلاجى زيادة عدد الكلمات المستخدمة فى الجملة الواحدة تدريجيا (Manolson,1992). وتوجد تعبيرات تعبيرات كثيرة يمكن للطفل أن يتواصل بها مع الآخرين باستخدام جملة من كلمتين كجمل التملك .(على سبيل المثال عبارة نظارة بابا أو فستان ماما ) ، بعد ذلك تضاف الجمل المكونة من ثلاث كلمات .
ويستفيد طفل متلازمة داون من اللوحة الإرشادية التى تقدم له بعض التلميحات والإرشادات البصرية والعضلية والتى تعمل بدورها على توظيف قدراته وتساعده فى زيادة طول الجملة التى ينطق بها (Kumin,1995) . هذه اللوحة عبارة عن قطعة خشبية مستطيلة الشكل بها عدد من الدوائر والأشكال المنفصلة تدخل بها البطاقات المرسوم على كل منها شكل واحد وكلمة واحدة ، ويستخدم عدد من الدوائر مساو لعدد كلمات الجملة المراد تدريب الطفل عليها (فعلى سبيل المثال، نستخدم دائرتين لجملة "ارمى الكرة" ) كما يمكن استخدام نفس أسلوب هذه اللوحة بشكل آخر فنضع شرطة تحت كل كلمة مكتوبة فى كتاب نريد تدريب الطفل عليها.
ويغطى التدريب فى هذه المرحلة مهارات التخاطب العملية التى يستخدمها الطفل طوال اليوم كطلب تناول الأدوات أو الرغبة فى عمل شىء ما ( على سبيل المثال خذ المنديل ، اعطنى الكوب ، افتح الباب ، اغلق الزجاج ) وتبادل التحية والسلام ( كجملة السلام عليكم ومرحبا وصباح الخير) بالإضافة إلى باقى الجمل الشائعة المستخدمة فى الحياة اليومية .
مفردات اللغة وأساليب المحادثة اليومية وأنشطة اللغة الأخرى يمكن التدريب عليها خلال ممارسة اللعب . فاللعب يزيد من التركيز السمعى ( الحضور السمعى) عند القيام بالأعمال التى تحتاج إلى تركيز (Miller, Schwartz 1996) . كما يمكن دعم وتعزيز المهارات اللغوية عن طريق برامج الكمبيوتر المناسبة ، على سبيل المثال برنامج الكلمات الأولى (First Words) و الأفعال الأولى (First Verbs) من شركة لوريت والكتاب الناطق (Living Book) من اصدار شركة ادمارك (Edmark Laureate) هذه البرامج باللغة الإنجليزية كما توجد برامج مشابهة باللغة العربية من اصدار شركة صخر والمعرفة .
البنية التحتية لتطوير التخاطب فى هذه المرحلة يعتمد على ما يمكن أن نسميه مبدأ التكامل الحسى (Sensory Integrated) (ترجمة ما يسمعه الطفل إلى أفعال يقوم بها ) ومبدأ تقوية وتطبيع عضلات الفم المعنية بالنطق (Oral Motor Ability) . ومعظم أطفال متلازمة داون لديهم القدرة على فهم ما يقال ، ولديهم القدرة على التواصل والتخاطب باستعمال لغة الإشارة بشكل جيد قبل أن يكونوا قادرين على التواصل والتخاطب بالنطق والتحدث . لذلك فإن التكامل الحسى وتقوية عضلات الفم تدعم وتهيء وتنمى استعداد الطفل للنطق خلال هذه المرحلة .

مرحلة ما قبل المدرسة والروضة :

إن قدرات الطفل الصغير لاستيعاب ما يقال ( لغة الاستيعاب والفهم) عادة أعلى من مهارات النطق والتحدث ( لغة التعبير) ، ومع ذلك فإن علاج النطق يركز على الجانبين الاستيعاب والتعبير . فمن ناحية يتم التركيز فى لغة الاستيعاب فى مرحلة ما قبل المدرسة على زيادة الذاكرة السمعية وعلى تعليم الطفل اتباع الأوامر والإرشادات ، وهى مهارات مهمة للأعوام الدراسية المبكرة . كما يركز على تطوير "المفاهيم" مثل الألوان ، والأشكال ، والاتجاهات ( فوق تحت ) وحروف الجر خلال أداء مهمة معينة أو عند اللعب. هذا من ناحية لغة الاستيعاب والفهم ، أما لغة التعبير فسوف تشمل لغة الدلالة استعمال كلمات أطول ( تطويل الجملة) كما يبدأ التدريب على ترتيب الكلمات من ناحية النحو والضمائر التى تضاف فى نهاية الكلمات ( مثل التأنيث والتذكير والمفرد والجمع أو صيغة الملكية) . كما يمكن تنمية مهارات اللغة العملية ؛ مثل طلب المساعدة ، إلقاء التحية المناسبة ، الاستفهام عن شىء أو الإجابة عن سؤال . كما يمكن أداء أدوار مشتركة من الحياة العملية فى البيت عن طريق أداء مشاهد تمثيلية بين الطفل وأمه ، أو الطفل وصديقه ، مع عكس الأدوار ، وكل هذه المشاهد الخيالية تنمى قدرات الطفل التعبيرية .
ويمكن القيام بأنشطة كثيرة عن طريق اللعب ، مثل إلباس وخلع ملابس عروسة ، القيام بأشغال يدوية لعمل كروت معايدة أو الطبخ كعمل كعكة أو تحضير عصير . كما يمكن الاستفادة من الأنشطة التى ذكرناها فى تنمية لغة الدلالة ، والتركيب ، ومهارات التخاطب العملية والتى تستعمل للتواصل بين الأفراد بشكل يومى ، على سبيل المثال اسأل كم كعكة سوف نحضرها ، ما هو لون الكعكة التى سوف نحضرها ، تركيز مفهوم اتباع الإرشادات لعمل الكعكة . وبما أن الكثير من أطفال متلازمة داون يستطيعون تعلم القراءة بشكل جيد ؛يمكن استعمال أساسيات ومفاهيم الكتابة فى تعلم وفهم أساسيات اللغة (Buckle, 1993).
ويتم التركيز أثناء هذه المرحلة على مخارج الحروف والكلمات والأصوات الأخرى . فمن الممكن البدء بتمارين علاج مخارج الأصوات (Articulation therapy) . لكن من الواجب الاستمرار فى تمارين الفم وتقوية العضلات التى تستخدم فى الكلام وزيادة التوافق بين العضلات المختلفة عند النطق. واهدف فى النهاية هو الوضوح عند التحدث .

سنوات المدرسة الابتدائية :

تنمو مهارة التواصل والمحادثة بشكل سريع خلال سنوات الدراسة الابتدائية . لذلك فمن الممكن أن يتعاون إخصائى التخاطب مع مدرس الفصل ، فتصبح المواد المقررة فى الفصل هى التى يركز عليها فى تنية مهارة التواصل والتحدث . فيستفاد منها فى تهيئة وتحفيز الطفل على التعلم وحل الصعوبات التى يواجهها الطفل فى بعض المواد فى نفس الوقت . ونجاح الطفل داخل الفصل يعزز ثقته بنفسه وبالتالى يزيد قدرته على التواصل مع الغير .
والعمل على تطوير اللغة الاستيعابية يتم يشكل أكثر تفصيلا (Miller, 1988) حيث تتضمن اتباع التعليمات المتعددة الأوامر ، المشابهة للتعليمات والإرشادات التى يتلقاها الطفل فى المدرسة , أما من جهة اللغة التعبيرية فتشمل تمارين الفهم والقراءة والأنشطة التجريبية ، ومراجعة بعض الكلمات لتعزيز فهم الطفل لمعانيها. تركيب الكلمة والجملة ( أنواع الكلمة كالجمع والمثنى ) والنحو المستعمل فى التحدث ( القواعد النحوية) .
ويمكن التركيز فى علاج اللغة التعبيرية على طرح موضوعات أعمق ، من ناحية المفردات، المتشابهة والمختلفة من ناحية الشكل والنحو . وتطوير لغة الاستيعاب لتشمل زيادة طول الكلمة المستعملة فى التحدث ، والاستمرار فى الاستعانة باللوحة الإرشادية ، وعمل العديد من البروفات والسيناريوهات من أجل تطويل الكلمة المستعملة . هذه التمارين كلها تستهدف أن يستفيد الطفل منها وأن تسهل استعماله لهذه الكلمات عند التحدث .
وتكتسب اللغة العملية أهمية خاصة أثناء هذه المرحلة ، حيث أن الهدف هو استعمال مهارات الاتصال فى الحياة اليومية فى البيت وفى المدرسة وفى الشارع وفى مناشط الحياة المختلفة . وقد يشمل العلاج مهارات التفاعل الاجتماعى مع المدرسين والأقران ، ومهارات المحادثة ، وطريقة طلبه للأشياء وطلبه لمساعدة المدرس عند وجود صعوبة فى فهمه للدرس ، وكيف يجعل الطفل كلامه واضحا عندما لايفهمه الغير ، وما إلى ذلك . وكلما كبر الطفل ونضج كلما تغيرت معه أساليب المحادثة الخاصة بأمور الحياة اليومية . وبالتالى لابد وأن يساير البرنامج العلاجى حاجات الطفل فى التواصل وأن تتناسب مع كل مرحلة من مراحل العمر .
ومهارات التحدث هى هدف هذه المرحلة مع التركيز على وضوح النطق والحديث بكلام مفهوم (Rosin & Swif, 1990) ومهم عمل تحليل مفصل لمناطق القوة والضعف عند الطفل فى هذه المرحلة، والتعرف على حركات الفم لتحديد ما يحتاجه الطفل ، فعلى سبيل المثال ، هل لدى الطفل ضعف أو ارتخاء فى العضلات المحيطة بالفم ؟ هل لديه صعوبة فى التوافق العضلى ؟ هل يعانى من صعوبة التخطيط لأداء الحركات العضلية (Motor planning)؟ هل للصوت وطلاقته تأثير على وضوح الكلام ؟ تعطى هذه النقاط الأولوية فى العلاج بشكل فردى إذا اتضح أن لها تأثير على قدرة الطفل فى التواصل .
وهناك العديد من الطرق لعلاج النطق والتخاطب يمكن استخدام أى منها أو استخدام بعضها كجزء من برنامج متكامل يصمم للطفل بشكل فردى .
ويمكن أن يصمم البرنامج العلاجى على أساس مهارات الطفل اللغوية ، ويراعى أن تكون الأهداف محددة فى البرنامج ، تغطى علم الدلالة (Semantic) والشكل (Morphology) والنحو (Syntax) والأساليب العملية للغة (Pragmatics) والصوتيات (Phonology) . كما قد يركز العلاج على نواح أخرى . لذلك فإن العلاج يهدف إلى رفع المهارات السمعية والتخاطبية ، ومهارات النطق وحركات الفم واللسان . ومن الممكن استغلال التدريب على مهارة معينة ، مثل القراءة لدعم وتقوية مهارة أخرى كاللغة التعبيرية أو الشفوية أو لغة الكتابة . ومن الممكن أن يعدل البرنامج بحيث يصمم على أساس المقررات التى يدرسها الطفل فى المدرسة . ففى هذه الطريقة ، تستعمل المفردات التى يحتاجها الطفل للتعلم والنجاح فى مادة العلوم مثلا . ويمكن أن يكون التدريس العلاجى مقدمة للدراسة فيتعلم الطفل فيه المفردات والمهارة اللغوية التى سوف يحتاجها الطفل فى فهم المقررالدراسى . فيتعلم الطفل التفاعلات التى يمكن أن تحدث فى الفصل وكيفية اتباع التعليمات والإرشادات والقواعد والروتين المتعارف عليه داخل الفصول ، ومهارة التعامل مع الأطفال الآخرين. كما يمكن أن يكون برنامج العلاج الذى يعتمد على المقررات الدراسية برنامجا يبنى على الصعوبات الحقيقية الآنية التى يواجهها الطفل فى الفصل عن طريق إعطاء دروس إضافية ومتكررة لمساعدة الطفل فى معرفة مهارات المذاكرة والطرق التى من الممكن أن يسلكها لتجاوز العقبات ولكى يصل إلى الأهداف المرجوة من المادة التى يدرسها . ويمكن أن يقترح إخصائى التخاطب الاستراتيجيات التعويضية الداعمة للطفل ، مثللا جلوس الطفل فى مقدمة الفصل ، والطلب من المدرس مد الطفل بالرسومات التوضيحية أو المقربة للفكرة ، والطلب من أحد الطلاب فى الفصل أن يكون مساعدا للطفل فى فهم بعض الأمور .
الطريقة الأخرى فى تعلم النطق والمحادثة هى تعلم اللغة بشكل متكامل ومترابط ويسمى اللغة الكلية ، فتعلم القراءة ، والكتابة ، والفهم ، والتخاطب يتم بشكل كلى . التعليم الكلى لا يتم فيه التعليم على شكل وحدات لغوية منفصلة كالتركيز على تعلم الجمع وحالات الفعل ، ولكن يتم التعليم كقطع كبيرة مبنية على توظيف الحواس المختلفة لتعليم وفهم المبادىء . ويعتمد التعلم بهذه الطريقة على كتب تحتوى على مواضيع تعلم جميع المهارات اللغوية مع بعضها البعض ، فمثلا كتاب عن الطقس قد يعلم الطفل قراءة النشرة الجوية ، وكيفية بناء محطة رصد جوى ، أو رسم صور أو أخذ صور فوتوغرافية لأجواء الطقس المختلفة .
وتوجد طريقة لتنمية اللغة والتخاطب تركز على اللغة العملية (Pragmatics) تسمى الاتصال فى السياق . وهى فى العادة تستعمل فى الفصول الدراسية التى يوجد بها معامل ليتفاعل فيها جميع المشاركين فى الدرس ( الطفل ، المدرس ، بقية الطلاب) فى أوضاع وحالات مختلفة . قد يتم العلاج فى شكل سيناريوهات ، كما قد يعمل على مساعدة الطفل بأن يطلب منه تعبئة الفراغات كمثال ليساعده ذلك على التعلم والتواصل بشكل جيد مع ناس معينين أو أوضاع وحالات معينة .
إن تعليم المحادثة والنطق عبارة عن طرق وأساليب متعددة لكل واحدة منها اهدافها الخاصة ، وتتضمن أنشطة مختلفة . وهدفنا هو الوصول إلى الطرق التى نستطيع من خلالها مساعدة الطفل المحتاج للمساعدة فى تنمية قدرته على الخاطب والتواصل مع الغير .

تدريبات تساعد على النطق والكلام :

للسان أهمية بالغة فى عملية النطق والكلام . ولذلك فإن للتدريات المساعدة لتقوية اللسان وزيادة التحكم فى حركاته دور هام فى مساعدة الأطفال الذين لديهم اضطرابات ومشاكل فى النطق . هذه التدريبات تساعد على عملية إخراج الأصوات والحروف بطريقة صحيحة وبدون صعوبة . وهذه بعض التدريبات التى تتصح بإجرائها بشكل يومى لمدة لا تزيد عن خمس دقائق .
• قم أنت والطفل بالتمارين التالية يوميا لمدة لا تزيد كما ذكنا عن خمس دقائق .
• فتح الفم وإخراج اللسان بشكل رفيع إلى الخارج دون أن يلمس الأسنان أو الشفاه ، ثم اعادته إلى الداخل ببطء .
• فتح الفم واخراج اللسان مستقيما قدر المستطاع ثم اعادته ببطء ثم بسرعة .
• فتح الفم قدر المستطاع وجعل اللسان يلامس الشفة العليا ثم السفلى ببطء ثم بسرعة .
• فتح الفم وجعل اللسان يلامس الأسنان فى الفك الأعلى ثم الأسفل أيضا ببطء ثم بسرعة .
• فتح الفم وجعل اللسان يتنقل من اليمين إلى اليسار ومن اليسار إلى اليمين .
• فتح الفم وجعل اللسان يقوم بعملية دائرية حول الشفاة.
• إغلاق الفم وتحريك اللسان بشكل دائرى .
• إخراج اللسان من الفم وهو مطبق على بعضه .
• فتح الفم وإدخال اللسان وهو منبسط تدريجيا إلى الوراء وجعله يلامس آخر الفك الأعلى .
كما أن الألعاب التى يستعان فيها بالنفخ والمضغ كلعبة فقاعات الصابون عن طريق التفخ أو مضغ اللبان أو غيرها من الحركات التى تساعد بشكل عام فى حركة اللسان .

 

د. صلاح الدين السرسي 

 

REFERENCES
Buckley S (1993) Language development in children with Down's syndrome: Reason for optimism. Down's Syndrome Research and practice."1:3-9.
Gibbs ED, Carswell L (1991): Using total communication with young children with Down's syndrome ; A literature review and case study .Early Childhood Devel 2:306-320.
Gravel J, (1995) Early otitis media, auditoryabilities, and educational risk.Am J Speech-Language Pathol 4:89-94.
Kumin L (1994) Communication Skills in Children with Down's Syndrome: A Guide for parents."Bethesda, MD:Woodbine House.
Kumin L, Chapman D(1996):Oral motor skills in children with Down Syndrome. Communication Together 13:1-4.
Kumin L, Councill C, Goodman M(1995): The pacing board: A technique to assist the transition from single word to multi wordutterance. Infant -Toddler Invention 5:293-303.
Kumin L, Goodman M, Councill C (1996): Comprehensive communication assessment and intervention for school-aged children with Down Syndrome. Down Syndrome Quart. 1:1-8.
Kumin L, Goodman M, Councill C(1991) : Comprehensive communication intervention for infants and toddlers with Down Syndrome. Infant Toddler Invention 1: 275-296.
MacDonald ID (1989): " Becoming partners with Children - From play to conversation. " San Antonio: Special press.
Manolson A (1992): It takes Tow to Talk' (2nd ed.). Idylewild, CA: Imaginart.
Meyers L (1994): Access and meaning: the keys to effective computer used by children with language disabilities. J Special Educ Technol.12:257-275.
Miller IF(1988): Facilitating advanced speech and language development.In C Tingey (ed.):"Down Syndrome: A Resource Handbook."Boston, MA: College-Hill press, pp.119-133.
Ropert JE, Medley L(1995): Otitis media and speech-language sequelae in young children: Current issues in management. Am J speech-langiage pathol4:15-24.
Schwartz S.Miller" : (1996) The new Language of Toys: Teaching Communication Skills to Special Needs Children? Bethesda, MD: Woodbine House.
Swift E, Rosin P (1990): " A remediation sequence to improve speech intelligibility for students with Down Syndrome. " Language, Speech Hearing Services Schools 21:140-146.

سجل دخول أو إنشئ حساب جديد الأن لإضافة تعليق.