كشف بعض خفايا الفُصام

كاتب المقال: الإدارة
التاريخ: الأحد, يونيو 7, 2015 - 10:34

الفصام /نظرة إجمالية  لطالما نظر العلماء إلى الفصام على أنه ناشئ عن اضطراب في منظومة دماغية معينة، منظومة تتواصل فيها الخلايا الدماغية عن طريق استخدام مادة كيميائية تأشيرية signaling (أو ناقل عصبي) تسمى دوپامين.

▪ ومع ذلك ينقل البحث الجديد وجهة التركيز من الدوپامين إلى ناقل عصبي آخر هو الگلوتامات؛ إذ يبدو أن التأشير الگلوتاماتي المختل هو مسهم رئيسي بهذا الاعتلال.

▪ ثمة عقاقير قيد الإعداد الآن لمعالجة هذا الداء مبنية على هذا الفهم المنقح للأسباب المؤدية للفصام.

إن عدم كفاية ترسانة الأدوية لا يعدّ إلا واحدة من عقبات معالجة هذا الاضطراب المأساوي بشكل ناجع، إذ يمثل عدم كفاية النظريات التي توجّه العلاج الدوائي عقبة أخرى. فالخلايا الدماغية (العصبونات) تتواصل فيما بينها عن طريق تحرير كيماويات (تدعى نواقل عصبية neurotransmitters) بحيث إنها إما أن تستثير excite أو أن تثبط inhibit عصبونات أخرى غيرها. وعلى مدى عدة قرون تركّزت نظريات الفصام على ناقل عصبي وحيد هو الدوپامين dopamine. ولكن في السنوات القليلة الماضية اتضح أن اختلال سويات الدوپامين ما هو إلا جانب من القصة وأن الشذوذات، في رأي العديدين، إنما تكمن في مكان آخر. ووقع الارتياب بشكل خاص على أعواز deficiencies في الناقل العصبي المسمى گلوتامات glutamate. والآن يدرك العلماء أن الفصام يؤثر إجمالا في جميع أجزاء الدماغ، وأن الگلوتامات، خلافا للدوپامين الذي يؤدي دورا مهما في مناطق منعزلة فقط، يعد حاسما في جميع أجزاء الدماغ تقريبا. ونتيجة لذلك يفتش الباحثون الآن عن علاجات تستطيع أن تعكس هذا العوز في الگلوتامات.


أعراض متعددة
ولإيجاد علاجات أفضل يحتاج الباحثون إلى فهم كيفية نشوء الفصام، الأمر الذي يعني أنهم بحاجة إلى تعليل جميع أعراضه العديدة. ومعظم هذه الأعراض تندرج تحت أصناف اصطُلح على وصفها ب«الإيجابية» positive و«السلبية» negative و«الذهنية» (المعرفية) cognitive. أما الأعراض الإيجابية فتنطوي عموما على أحداث تفوق ما يعتبر معاناة اعتيادية؛ وأما الأعراض السلبية فتعني ضمنا بشكل عام معاناة مخففة؛ في حين تشير الأعراض الذهنية أو المشوشة إلى صعوبة الحفاظ على التدفق المنطقي والمتماسك للمحادثة، وصعوبة المحافظة على الانتباه والتفكير المجرد.
يألف الناس عامة الأعراض الإيجابية، ولاسيما الهياج agitation والأوهام الزورانية paranoid (التي يشعر فيها المصاب بالتآمر ضده) والهلوسات hallucinations، عموما بشكل أصوات محكية. أما الهلوسات المتحكمة(3)، التي توحي للمرضى بإيذاء أنفسهم أو بإيذاء الآخرين، فهي علامة منذرة بالشرّ بشكل خاص، إذ تصعب مقاومتها ويمكن أن تستحث أفعالا عنيفة.

 

إن الأعراض السلبية والذهنية أقل مأساوية لكنها أكثر خبثا(4). فهي قد تشمل تجميعة تدعى الأعراض الرباعية (4Aصs): الذاتوية autism (بمعنى انعدام الاكتراث بالناس الآخرين أو الجوار المحيط)، والجمع بين النقيضين في الشعور ambivalence والتأثر الجامد blunted affect (الذي يتمثل في التعبير الوجهي الجامد وغير المتبدل)، ومشكلة تخلخل الترابط الذهني(5). أما الأعراض الشائعة الأخرى فتتضمن نقص التلقائية (نقص العفوية) lack of spontaneity والتكلم كلاما أجوف impoverished speech وصعوبة إنشاء وفاق وتباطؤ الحركة. وقد يسبب فتور الشعور واللامبالاة مصادمات بين المرضى وأسرهم، التي يمكن أن تنظر إلى هذه الخصال كعلامات كسل أكثر من كونها أعراضا للمرض.

 

حينما يُقيَّم المصابون بالفصام، عبر اختبارات «بالورقة والقلم» مصممة لكشف التلف الدماغي عندهم، فإنهم يبدون نموذجا يوحي بخلل وظيفي واسع الانتشار. وفي واقع الأمر، تتأثر إلى حد ما جميع نواحي عمل الدماغ بدءا من أكثر العمليات الحسية جوهرية حتى أعقد النواحي الفكرية. وقد تتأذى بشكل خاص وظائف معينة مثل القدرة على تكوين ذكريات جديدة، سواء كانت مؤقتة أو مستديمة، أو القدرة على حل المشكلات المعقدة. وكذلك يُبدي المرضى صعوبة في حل أنماط من المشكلات الحياتية اليومية، مثل وصف حيثيات الصداقة، أو ما يمكن فعله إذا ما انطفأت جميع أضواء البيت دفعة واحدة. ويُعلل العجزُ في مواجهة هذه المشكلات المعتادة، أكثر من أية ناحية أخرى، الصعوبةَ التي تواجه مثل هؤلاء المرضى للعيش مستقلين. وإجمالا يتآمر الفصام لسلب مرضاه الصفات التي يحتاجون إليها فعلا للنجاح مجتمعيا: الشخصية personality والمهارات الاجتماعية والفطنة.

 

ما بعد الدوپامين

في الخمسينات من القرن الماضي، برز التشديد على الشذوذات المرتبطة بالدوپامين كسبب للفصام، وذلك نتيجة للاكتشاف العرضي بأن صنفا من الأدوية يدعى الفينوتيازينات phenothiazines يقوى على التحكم في الأعراض الإيجابية للفصام. وأظهرت الدراسات اللاحقة أن هذه المواد تؤدي فعلها عبر إعاقة وظيفة زمرة معينة نوعية من جزيئات محسسة كيميائيا(6) (تدعى مستقبلات الدوپامينdopamine receptors D2 ) تجثم على سطح خلايا عصبية معينة وتنقل إيعازات الدوپامين إلى داخل الخلايا. وفي الوقت نفسه كشفت أبحاث أجراها أحد الفائزين حديثا بجائزة نوبل ، أن الأمفيتامين amphetamine، الذي عُرِف أنه يثير هلوسات وأوهاما لدى المدمنين على تناوله، ينشِّط إطلاق الدوپامين في الدماغ. وقد أدى هذان الاكتشافان معا إلى «النظرية الدوپامينية» dopamine theory التي تقترح أن معظم أعراض الفصام تنجم عن فرط إطلاق الدوپامين في مناطق دماغية مهمة مثل الجهاز الحوفي limbic system (الذي يعتقد أنه ينظّم العاطفة) والفصين الأماميين (الجبهيين) (اللذين يعتقد أنهما ينظمان الاستدلال المنطقي).

 

وعلى مدى السنوات الأربعين الماضية توضحت مواقع قوة هذه النظرية وقيودها. فبالنسبة إلى بعض المرضى، وبخاصة ذوي الأعراض الإيجابية البارزة، أثبتت هذه النظرية قوتها في التوفيق بين الأعراض والعلاج. فما يتعلق بالقلة الذين يبدون أعراضا إيجابية فقط، يسير الأمر جيدا، من حيث مزاولتهم أعمالا وتشكيلهم أسرا وعدم معاناتهم إلا القليل نسبيا من التراجع الذهني مع مرور الزمن، إذا ما التزموا بتعاطي أدويتهم.

 

ولكن هذه الفرضية بالنسبة إلى العديد من المرضى محدودة التوفيق. وهؤلاء المرضى هم الذين تتشكل لديهم الأعراض بالتدريج، وليس بشكل دراماتيكي، والذين ترجح لديهم الأعراض السلبية على الأعراض الإيجابية. فهؤلاء المصابون يزدادون انعزالا وغالبا ما يتقوقعون على أنفسهم سنوات عديدة، وتكون وظائفهم الذهنية ضعيفة الأداء؛ وحينما يعالجون ولو بأفضل الأدوية المتاحة في الأسواق، لا يتحسنون إلا ببطء، وقد لا يتحسنون إطلاقا.

 

لقد حثت مثل هذه المشاهدات بعض الباحثين على تحوير الفرضية الدوپامينية. وعلى سبيل المثال، يوحي أحد هذه التعديلات بأن الأعراض السلبية والذهنية قد تنجم عن سويات منخفضة للدوپامين في أجزاء معينة من الدماغ مثل الفصين الأماميين (الجبهيين) وزيادة للدوپامين في أجزاء أخرى منه مثل الجهاز الحوفي. ونظرا لكون مستقبلات الدوپامين في الفص الأمامي هي من الصنف D1 (أكثر من كونها من الصنف D2) بشكل رئيسي، فقد شرع الباحثون في البحث عن عقاقير تنشط مستقبلات الصنف D1 وتثبط في الوقت نفسه مستقبلات الصنف D2 بيد أنهم لم يحققوا نجاحا في ذلك حتى الآن.

 

وفي أواخر الثمانينات من القرن الماضي، بدأ الباحثون يدركون أن بعض المركبات الصيدلانية، مثل الكلوزاپين clozapine (ويحمل الاسم التجاري كلوزاريل Clozaril)، ربما كانت أقل تسبيبا للتيبس stiffness ولتأثيرات جانبية أخرى عصبية، من العلاجات القديمة مثل الكلوروپرومازين (الثورازين Thorazine) أو الهالوبيريدول (الهالدول Haldol)، وأكثر نجاعة في معالجة الأعراض الإيجابية والسلبية المستديمة. فالكلوزاپين، الذي يعتبر مضادًا لانمطيا للذهان، يثبط مستقبلات الدوپامين بشكل أقل من الأدوية القديمة، ويؤثِّر في فعالية النواقل العصبية الأخرى على نحو أقوى. ومثل هذه المكتشفات أدت إلى إيجاد وشيوع بضعة مضادات ذهان لانمطية جديدة مبنية على مفعولات الكلوزاپين (التي يتبين الآن أن بعضها قادر لسوء الحظ على تسبيب داء السكري وتأثيرات جانبية أخرى غير متوقعة). وكذلك أدت هذه المكتشفات إلى اقتراح أن الدوپامين لم يكن الناقل العصبي الوحيد الذي يختل في الفصام بل تختل كذلك نواقل عصبية أخرى.

 

إن النظريات التي تركِّز بشكل كبير على الدوپامين تُعتبر إشكالية لأسباب أخرى. فالميزان الدوپاميني غير المناسب لا يستطيع تعليل سبب استجابة أحد المصابين بالفصام للعلاج على نحو تام تقريبا، في حين لا يبدي مصاب آخر استجابة ظاهرة. وكذلك لا يستطيع الميزان الدوپاميني غير المناسب تفسير سبب استجابة الأعراض الإيجابية بشكل أفضل بكثير من استجابة الأعراض السلبية والذهنية. وأخيرا، وعلى الرغم من عقود السنين في البحث، فمازال على الأبحاث الدوپامينية السعي إلى اكتشاف المسؤول الحقيقي عن الإصابة بالفصام. فلا الإنزيمات التي تولِّد هذا الناقل العصبي ولا المستقبلات التي يرتبط بها، تتغير بشكل كاف لتعليل الأعراض المشاهدة كاملة.

 

علاقة غبار الملائكة

إذا كان الدوپامين لا يستطيع تعليل الفصام، فما هي الحلقة المفقودة؟ لقد جاءت دالَّة حاسمة من تأثيرات مخدّر آخر هو الفنسيكليدين phencyclidine PCP ، الذي يعرف كذلك باسم غبار الملائكة angel dust. فعلى النقيض من الأمفيتامين الذي يحاكي فقط الأعراض الإيجابية لهذا المرض، يحرّض الفنسيكليدين أعراضا تشبه مختلف أعراض الفصام السلبية والذهنية وأحيانا الإيجابية. ولا تظهر هذه التأثيرات لدى مدمني غبار الملائكة وحسب، بل أيضا لدى أفراد جرى إعطاؤهم جرعات مُخفّضة منه أو من الكيتامين ketamine (الذي هو مخدِّر ذو تأثيرات مشابهة) أثناء تجارب تحدّ دوائي drug-challenge متحكم فيها.

في الستينات من القرن الماضي، حددت مثل هذه الدراسات أوجه تشابه بين تأثيرات غبار الملائكة وأعراض الفصام، إذ بينت، على سبيل المثال، أن الأفراد الذين تناولوا غبار الملائكة أظهروا النمط نفسه من الاختلالات في تفسير الأمثال (الأقوال المأثورة) كالمصابين بالفصام. وقد بيّنت الدراسات التي أجريت على الكيتامين أوجه تشابه أشدُّ قسرية. وعلى الخصوص، فأثناء تحدٍّ للكيتامين تبين أنه تنشأ لدى الأفراد الأسوياء صعوبة في التفكير المجرّد وفي استيعاب معلومات جديدة وفي تغيير الاستراتيجيات أو وضع المعلومة في الذاكرة المؤقتة. إنهم يُبدون تباطؤا حركيا عاما وانخفاضا في قدرتهم على التكلم، تماما مثلما يشاهد لدى المصابين بالفصام. وكذلك وفي بعض الأحيان يصير الأفراد الذين أُعطوا غبار الملائكة أو الكيتامين انطوائيين وبُكْما. فإذا تحدثوا فإنهم يتكلمون بشكل انفصالي tangentially وبصورة حسيّة(7) concretely. ولئن كان غبار الملائكة والكيتامين نادرا ما يثيران لدى المتطوعين الأسوياء هلوسات تشبه الهلوسات الفصامية فإنهما يفاقمان هذه الاختلالات لدى المصابين بالفصام.

 

إن مقدرة غبار الملائكة والكيتامين على تسبيب طيف عريض من الأعراض المشابهة للفصام توحي بأن هذين المخدرين يكرران replicate اختلالا جزيئيا رئيسيا في أدمغة مرضى الفصام. فعلى المستوى الجزيئي يعطل هذان المخدران عمل نظم التأشير الدماغية المعتمدة على الگلوتامات التي تعتبر الناقل العصبي الاستثاري الرئيسي في الدماغ. وبدقة أكبر، فهما يوقفان عمل شكل من مستقبلات الگلوتامين يُدعى المستقبل النمدائي NMDA receptor، الذي يؤدي دورا حاسما في تنامي الدماغ والتعلم والذاكرة والسيرورة العصبية بشكل عام. وكذلك يشارك هذا المستقبِل في تنظيم إطلاق الدوپامين. ويولِّد حصار blockade المستقبلات النمدائية هذه نفس اختلالات وظيفة الدوپامين التي تشاهد في الفصام. وهكذا، فإن عسر وظيفة المستقبل النمدائي بحد ذاته يمكن أن يفسر أعراض الفصام السلبية والذهنية، كما يمكن أن يفسر الشذوذات الدوپامينية الكامنة وراء الأعراض الإيجابية.

 

يتعلق أحد أمثلة الأبحاث التي تُشرك المستقبلات النمدائية في موضوع الفصام، بالطريقة التي يعالج بها الدماغ المعلومات في الأحوال العادية. فإضافة إلى تقوية الوصلات بين العصبونات تعمل المستقبلات على تضخيم الإشارات العصبية على غرار الطريقة التي يقوم فيها مذياع قديم بتضخيم إشارات الراديو الضعيفة لتصبح أصواتا قوية. ولدى تضخيم إشارات عصبية رئيسية بشكل انتقائي تساعد هذه المستقبلات الدماغ على الاستجابة لبعض الرسائل وتجاهل بعضها الآخر، وبذلك تُسهل التركيز العقلي والانتباه. ففي الحالة العادية يستجيب الناس بشكل أقوى للأصوات التي يتلقونها عَرَضا من استجابتهم للأصوات التي يتلقونها بشكل متكرر، وكذلك يستجيبون بشكل أقوى للأصوات التي يسمعونها أثناء الإصغاء من استجابتهم للأصوات التي يصدرونها بأنفسهم أثناء الكلام. أما المصابون بالفصام فإنهم لا يستجيبون بهذا الأسلوب، مما يعني ضمنا أن دارات أدمغتهم المعتمدة على المستقبلات النمدائية لا تكون في حالة صالحة للعمل.

الدماغ في الفصام

إن عدة مناطق ونظم دماغية تعمل بشكل شاذ في الفصام، بما في ذلك المناطق الموضحة أدناه. وقد كان يعتقد سابقا أن السبب الرئيسي للفصام يكمن في اختلالات توازن الناقل العصبي المسمى دوپامين. ولكن الاكتشافات الجديدة توحي بأن حدوث تأشير signaling مُنهك من قِبل أحد الأهداف targets الگلوتاماتية الرئيسية على العصبونات (وهو المستقبل النمدائي the NMDA receptor) إنما يفسر تشكيلة الأعراض الواسعة لهذا الداء على نحو أفضل.

الجهاز السمعي Auditory System

يمكّن البشر من سماع الكلام وفهمه. وفي داء الفصام يمكن أن يسبب فرط نشاط باحة الكلام الدماغية (التي تحمل اسم باحة ويرنيكه Wernikes area) هلوسات سمعية، حيث يتوهم المصاب بالفصام بأن الأفكار التي تتولد داخليا هي أصوات حقيقية تأتي من الخارج.

الفص القفوي (القذالي) Occipital Lobe

إنه يعالج processes المعلومات الخاصة بالعالم الإبصاري. ونادرا ما يعاني المصابون بالفصام هلوسات إبصارية تامة، بيد أن الاضطرابات في هذه المنطقة (أي الفص القفوي الدماغي) تسهم في حدوث صعوبات مثل تأويل الصور المعقدة وتعرُّف الحركة وقراءة الانفعالات على وجوه الآخرين.

الحُصين Hippocampus

إنه يتوسط عملية التعلم وتكوين الذاكرة وتأسيس العادات، وتفسد هذه الوظائف في داء الفصام.

العُقَد القاعدية Basal Ganglia

تسهم في الحركات والانفعالات وفي مكاملة المعلومات الحسية. ويعتقد أن ما يظهر من أداء وظيفي شاذ في الفصام يسهم في الزَّوَر (جنون العظمة) paranoia وفي الهلوسات. [ونشير إلى أن إحصار blockade مستقبلات الدوپامين في العقد القاعدية بوساطة الأدوية المعهودة المضادة للذُّهان يفضي إلى تأثيرات جانبية حركية].

الفص الجبهي

rontal Lobe

يعد هذا الفص حاسما بالنسبة إلى خاصية حل المشكلات وخاصية التبصر وخاصيات التفكير المنطقي الأخرى الرفيعة المستوى. وتؤدي اختلالات الفصام إلى صعوبات في أفعال التخطيط وأفكار التنظيم.

الجهاز الحَوْفي Limbic System

يضطلع بالانفعال emotion. ويعتقد أن اضطراباته تسهم في التهيج الذي غالبا ما يُرى في الفصام.

نواقل عصبية مختلفة، ونفس النتائج

اقترح بعض العلماء أن كثرة الدوپامين تنجم عنها أعراض تنبعث من العقد القاعدية، وأن قلة الدوپامين تنجم عنها أعراض ترتبط بالقشرة المخية الجبهية. وقد تنجم عن التأشير الگلوتاماتي غير الكافي تلك الأعراض ذاتها.

في حالة راحة القشرة المخية the rest of cortex،

تسود الگلوتامات ولكن يغيب الدوپامين إلى حد كبير.

في العقد القاعدية Basal Ganglia، حيث يثبط الدوپامين اضطرام الخلايا (عن طريق فعله في المستقبلات D2 الكائنة على الخلايا العصبية)، فإن إشارات التنبيه الگلوتاماتية تعارض إشارات التنبيه الدوپامينيّة، ومن ثمّ قد يزيد نقص الگلوتامات سيرورة التثبط، مثلما تفعل زيادة الدوپامين تماما.

ففي القشرة المخية الجبهية، حيث يعزز الدوپامين اضطرام firing الخلايا (عن طريق فعله في المستقبلات D1) تضخم إشارات التنبيه الگلوتاماتية مستقبلات الدوپامين، وبالتالي يؤدي نقص الگلوتامات إلى إنقاص النشاط العصبي، مثلما يفعل نقص الدوپامين تماما.

 

إذا كانت فعالية المستقبل النمدائي المخفَّضة تثير أعراض الفصام، فما الذي يسبب ذلك التخفيض إذًا؟ يبقى الجواب عن ذلك غير واضح. فبعض التقارير تبين أن المصابين بالفصام تكون مستقبلاتهم النمدائية أقل عددا مما لدى الأسوياء على الرغم من أن الجينات (المُوَرِّثات) التي تصنع هذه المستقبلات تبدو سليمة. وإذا كانت المستقبلات النمدائية سوية ومتوافرة بكميات مناسبة، فربما تكمن المشكلة في نقصٍ بإطلاق الگلوتامات أو في إنشاء مركَّبات تعطل الفعالية النمدائية.

 

وهناك أدلة تدعم كلا من هاتين الفكرتين. فعلى سبيل المثال، لا تبين دراسات تشريح جثث مصابين بالفصام مستويات منخفضة من الگلوتامات فحسب، بل كذلك مستويات مرتفعة من مركبين (هما (NAAG) وحمض كينورينيك) يعطّلان فعالية المستقبلات النمدائية. إضافة إلى ذلك، ترتفع مستويات الحمض الأميني (هوموسيستيئين) في الدم، مع العلم بأن الهوموسيستيئين شأنه شأن حمض كينورينيك يُبْطل المستقبلات النمدائية في الدماغ. وإجمالا، يوحي نمط هجمة الفصام وأعراضه بأن الكيماويات التي تعطل المستقبلات النمدائية تتراكم في أدمغة المصابين بالفصام على الرغم من عدم وجود حُكم بحثي على ذلك. وقد ينتهي المطاف بنا إلى آليات مغايرة تماما تشرح سبب الوهن الذي يؤول إليه المستقبل النمدائي.

 

إمكانات علاجية جيدة

بغض النظر عما يسببه انحراف التأشير في الفصام، فإن الفهم الجديد والدراسات التمهيدية على المرضى، يبعثان الأمل في أن تستطيع المعالجة الدوائية تصحيح المشكلة. ويأتي دعم هذه الفكرة من دراسات تبين أن الكلوزاپين الذي يعد واحدا من أنجح أدوية الفصام المعروفة حتى الآن يستطيع أن يقلب التأثيرات السلوكية للمخدّر غبار الملائكة (PCP) في الحيوانات، وهذا أمر لا تستطيع فعله مضادات الذهان antipsychotics القديمة. وأبعد من ذلك، فقد أدت اختبارات قصيرة الأمد على مواد معروفة بتنشيط المستقبلات النمدائية، إلى نتائج مشجعة في هذا الصدد. فإضافة إلى دعمها فرضية الگلوتامات، سمحت هذه النتائج بالشروع في اختبارات طويلة الأمد. وإذا ما أثبتت المواد التي تنشِّط المستقبلات النمدائية فعاليتها في الاختبارات ذات المقياس الواسع فإنها ستصبح أول صنف جديد تماما من الأدوية يطور خصيصا لاستهداف الأعراض السلبية والذهنية (المعرفية) للفصام.

مجلة العلوم

سجل دخول أو إنشئ حساب جديد الأن لإضافة تعليق.